الشجرة وأشار لهما إلى شجرة الحنطة فتكونا من الظالمين، ولم يقل لهما: لا تأكلا من هذه الشجرة ولا مما كان من جنسها فلم يقربا تلك الشجرة ولم يأكلا منها وإنما أكلا من غيرها لما أن وسوس الشيطان إليهما وقال: ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة وإنما نهاكما أن تقربا غيرها ولم ينهكما أن تأكلا منها إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين ولم يكن آدم وحواء شاهدا قبل ذلك من يحلف بالله كاذبا فدلاهما بغرور فأكلا منها ثقة بيمينه بالله، وكان ذلك من آدم قبل النبوة ولم يكن ذلك بذنب كبير إستحق به دخول النار، وإنما كان من الصغائر الموهوبة التي تجوز على الأنبياء قبل نزول الوحي إليهم، فلما اجتباه الله وجعله نبيا كان معصوما لا يذنب صغيرة ولا كبيرة، قال الله عز وجل: (وعصى آدم ربه فغوى ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى) وقال عز وجل: (إن الله إصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين) الحديث.
أقول: قال الصدوق رحمه الله بعد نقل الحديث على طوله: والحديث عجيب من طريق على بن محمد بن الجهم مع نصبه وبغضه وعداوته لأهل البيت عليهم السلام إنتهى.
وما أعجبه منه إلا ما شاهده من اشتماله على تنزيه الأنبياء من غير أن يمعن النظر في الأصول المأخوذة فيه، فما نقله من جوابه عليه السلام في آدم لا يوافق مذهب أئمة أهل البيت المستفيض عنهم من عصمة الأنبياء من الصغاير والكبائر قبل النبوة وبعدها.
على أن الجواب مشتمل على تقدير في قوله تعالى: (ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا) إلى مثل قولنا: ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة وإنما نهاكما عن غيرها وما نهاكما عن غيرها الا ان تكونا الخ. على أن قوله تعالى (ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا) ملكين أو تكونا من الخالدين)، وقوله تعالى (قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى الآية)، يدل على أن إبليس إنما كان يحرضهما على الاكل من شخص الشجرة المنهية تطميعا في الخلود والملك الذي حجب عنه بالنهي، على أن الرجل أعني علي بن محمد بن الجهم قد أخذ الجواب الصحيح التام بنفسه في مجلس المأمون كما رويناه في الحديث السابق، فالرواية لا تخلو عن شئ وإن كان بعض