(بيان) أخذ سبحانه في معاتبة اليهود وذلك في طي نيف ومائة آية يذكر فيها نعمه التي أفاضها عليهم، وكراماته التي حباهم بها، وما قابلوها من الكفر والعصيان ونقض الميثاق والتمرد والجحود، يذكرهم بالإشارة إلى اثنتي عشرة قصة من قصصهم، كنجاتهم من آل فرعون بفرق البحر، وغرق فرعون وجنوده، ومواعدة الطور، واتخاذهم العجل من بعده وأمر موسى إياهم بقتل أنفسهم واقتراحهم من موسى أن يريهم الله جهرة فأخذتهم الصاعقة ثم بعثهم الله تعالى، إلى آخر ما أشير إليه من قصصهم التي كلها مشحونة بألطاف إلهية وعنايات ربانية، ويذكرهم أيضا المواثيق التي أخذ منهم ثم نقضوها ونبذوها وراء ظهورهم، ويذكرهم أيضا معاصي ارتكبوها وجرائم اكتسبوها وآثاما كسبتها قلوبهم على نهي من كتابهم، وردع صريح من عقولهم، لقساوة قلوبهم، وشقاوة نفوسهم، وضلال سعيهم.
قوله تعالى: وأوفوا بعهدي، أصل العهد الحفاظ، ومنه اشتقت معانيه كالعهد بمعنى الميثاق واليمين والوصية واللقاء والمنزل ونحو ذلك.
قوله تعالى: فارهبوني، الرهبة الخوف، وتقابل الرغبة.
قوله تعالى: ولا تكونوا أول كافر به، أي من بين أهل الكتاب، أو من بين قومكم ممن مضى وسيأتي فإن كفار مكة كانوا قد سبقوهم إلى الكفر به. واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين - 45. الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون - 46.