الإلهية بالفعل الصادر من زيد مثلا لا مطلقا بل من حيث أنه فعل إختياري صادر من فاعل كذا في زمان كذا ومكان كذا فإذن تأثير الإرادة الإلهية في الفعل يوجب كون لفعل اختياريا وإلا تخلف متعلق الإرادة الإلهية عنها فإذن تأثير الإرادة الإلهية في صيرورة الفعل ضروريا يوجب كون الفعل اختياريا أي كون الفعل ضروريا بالنسبة إلى الإرادة الإلهية ممكنا اختياريا بالنسبة إلى الرادة الانسانية الفاعلية، فالإرادة في طول الإرادة وليست في عرضها حتى تتزاحما، ويلزم من تأثير الإرادة الإلهية بطلان تأثير الإرادة الانسانية فظهر أن ملاك خطأ المجبرة فيما أخطأوا فيه عدم تمييزهم كيفية تعلق الإرادة الإلهية بالفعل، وعدم فرقهم بين الإرادتين الطوليتين وبين الإرادتين العرضيتين وحكمهم ببطلان تأثير إرادة العبد في الفعل لتعلق إرادة الله تعالى به.
والمعتزلة وإن خالفت المجبرة في اختيارية أفعال العبد وسائر اللوازم إلا إنهم سلكوا في اثباته مسلكا لا يقصر من قول المجبرة فسادا، وهو أنهم سلموا للمجبرة أن تعلق إرادة الله بالفعل يوجب بطلان الاختيار، ومن جهة أخرى أصروا على اختيارية الأفعال الاختيارية فنفوا بالآخرة تعلق الإرادة الإلهية بالافعال فلزمهم إثبات خالق آخر للأفعال وهو الانسان، كما أن خالق غيرها هو الله سبحانه فلزمهم محذور الثنوية، ثم وقعوا في محاذير أخرى أشد مما وقعت فيه المجبرة، كما قال عليه السلام: مساكين القدرية أرادوا أن يصفوا الله بعدله فأخرجوه من قدرته وسلطانه الحديث.
فمثل هذا مثل المولى من الموالي العرفية يختار عبدا من عبيده ويزوجه إحدى فتياته ثم يقطع له قطيعة ويخصه بدار وأثاث وغير ذلك مما يحتاج إليه الانسان في حياته إلى حين محدود وأجل مسمى، فإن قلنا إن المولى وإن اعطى لعبده ما أعطى وملكه ما ملك فإنه لا يملك وأين العبد من الملك كان ذلك قول المجبرة، وان قلنا أن للمولى باعطائه المال لعبده وتمليكه جعله مالكا وانعزل هو عن المالكية وكان المالك هو العبد كان ذلك قول المعتزلة، ولو جمعنا بين الملكين بحفظ المرتبتين وقلنا:
أن المولى مقامه في المولوية وللعبد مقامه في الرقية وإن العبد إنما يملك في ملك المولى، فالمولى مالك في عين أن العبد مالك فهنا ملك على ملك كان ذلك القول الحق الذي رآه أئمة أهل البيت عليه السلام، وقام عليه البرهان هذا