يكون من صفة الله أي: ذرني ومن خلقته وحدي. والآخر: أن يكون من صفة المخلوق.
النزول: نزلت الآيات في الوليد بن المغيرة المخزومي، وذلك أن قريشا اجتمعت في دار الندوة، فقال لهم الوليد: إنكم ذوو أحساب، وذوو أحلام، وإن العرب يأتونكم فينطلقون من عندكم، على أمر مختلف. فاجمعوا أمركم على شئ واحد، ما تقولون في هذا الرجل؟ قالوا: نقول إنه شاعر. فعبس عندها وقال:
قد سمعنا الشعر فما يشبه قوله الشعر. فقالوا: نقول إنه كاهن. قال: إذا تأتونه فلا تجدونه يحدث بما تحدث به الكهنة. قالوا: نقول إنه لمجنون. فقال: إذا تأتونه فلا تجدونه مجنونا. قالوا: نقول: إنه ساحر. قال: وما الساحر؟ فقالوا: بشر يحببون بين المتباغضين، ويبغضون بين المتحابين. قال: فهو ساحر، فخرجوا. فكان لا يلقى أحد منهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا قال: يا ساحر، يا ساحر. واشتد عليه ذلك، فأنزل الله تعالى. (يا أيها المدثر) إلى قوله (الا قول البشر) عن مجاهد. ويروى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما أنزل عليه: (حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب) قام إلى المسجد، والوليد بن المغيرة قريب منه يسمع قراءته. فلما فطن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لاستماعه لقراءته، أعاد قراءة الآية.
فانطلق الوليد حتى أتى مجلس قومه بني مخزوم فقال: والله لقد سمعت من محمد آنفا كلاما، ما هو من كلام الإنس، ولا من كلام الجن، وإن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثر، وإن أسفله لمغدق (1)، وإنه ليعلو وما يعلى. ثم انصرف إلى منزله. فقال قريش: صبأ (2) والله الوليد، والله لتصبأن قريش كلهم.
وكان يقال للوليد. ريحانة قريش. فقال لهم أبو جهل: أنا أكفيكموه، فانطلق فقعد إلى جانب الوليد حزينا، فقال لي. ما لي أراك حزينا يا ابن أخي؟ قال: هذه قريش يعيبونك على كبر سنك، ويزعمون أنك زينت كلام محمد! فقام مع أبي جهل، حتى أتى مجلس قومه فقال. أتزعمون أن محمدا مجنون، فهل رأيتموه يخنق قط؟
فقالوا: اللهم لا. قال: أتزعمون أنه كاهن، فهل رأيتم عليه شيئا من ذلك؟ قالوا: