(وأنه كان يقول سفيهنا) أي جاهلنا (على الله شططا) أرادوا بسفيههم إبليس، عن مجاهد وقتادة. والشطط: السرف في ظلم النفس، والخروج عن الحق. فاعترفوا بأن إبليس كان يخرج عن الحد في إغواء الخلق، ودعائهم إلى الضلال. وقيل: شططا أي قولا بعيدا من الحق، وهو الكذب في التوحيد والعدل.
(وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا) اعترفوا بأنهم ظنوا أن لن يقول أحد من الإنس والجن كذبا على الله في اتخاذ الشريك معه، والصاحبة والولد أي حسبنا أن ما يقولونه من ذلك صدق، وأنا على حق حتى سمعنا القرآن، وتبينا الحق به. وفي هذا دلالة على أنهم كانوا مقلدة حتى سمعوا الحجة، وانكشف لهم الحق، فرجعوا عما كانوا عليه وفيه إشارة إلى بطلان التقليد، ووجوب اتباع الدليل.
(وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن) أي يعتصمون ويستجيرون. وكان الرجل من العرب إذا نزل الوادي في سفره ليلا قال: أعوذ بعزيز هذا الوادي من شر سفهاء قومه، عن الحسن، ومجاهد، وقتادة. وكان هذا منهم على حسب اعتقادهم أن الجن تحفظهم. قال مقاتل: وأول من تعوذ بالجن قوم من اليمن، ثم بنو حنيفة، ثم فشا في العرب. وقيل: معناه وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من أهل الجن، ومن معرة الجن (1)، عن البلخي قال: لأن الرجال لا تكون إلا في الناس. وقال الأولون: في الجن رجال مثل ما في الناس. (فزادوهم رهقا) أي فزاد الجن الإنس إثما على إثمهم الذي كانوا عليه من الكفر والمعاصي، عن ابن عباس، وقتادة. وقيل. رهقا أي طغيانا، عن مجاهد. وقيل: فرقا وخوفا، عن الربيع، وابن زيد. وقيل: شرا، عن الحسن. وقيل. زادوهم ذلة وضعفا.
قال الزجاج. يجوز أن يكون الإنس الذين كانوا يستعيذون بالجن، رهقا، وذلك أن الجن كانوا يزدادون طغيانا في قومهم بهذا التعوذ، فيقولون: سدنا الإنس والجن.
ويجوز أن يكون الجن زاد الإنس رهقا.
(وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا) قيل معناه: قال مؤمنو الجن لكفارهم إن كفار الإنس الذين يعوذون برجال من الجن في الجاهلية، حسبوا كما حسبتم يا معشر الجن أن لن يبعث الله رسولا بعد موسى، أو عيسى، ووراء هذا أن