(وفي السماء رزقكم وما توعدون) ثم اكتفى بمثل هذه الدلالة في مطالب أصول العقائد فما يؤمنه من مبتدع يقول الله تعالى في الكعبة لأن كل مصل يوجه وجهه إليها ويقول وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض أو يقول الله في الأرض فإن الله تعالى قال (كلا لا تطعه واسجد واقترب) والاقتراب بالسجود في المسافة إنما هو في الأرض وقال النبي صلى الله عليه وسلم " أقرب ما يكون العبد في سجوده ".
ثم ذكر بعد ذلك ما أجبنا عند من حديث الأوعال، وذكر بعد ذلك ما لا تعلق له بالمسألة وأخذ يقول إنه حكى عن السلف مثل مذهبه وإلى الآن ما حكى مذهبه عن أحد لا من سلف ولا من خلف غير عبد القادر الجيلي، وفي كلام ابن عبد البر بعضه، وأما العشرة وباقي الصحابة رضي الله عنهم فما ثبت عنهم بحرف ثم أخذ بعد ذلك في مواعظ وأدعية لا تعلق لها بهذا ثم أخذ في سب أهل الكلام ورجمهم وما ضر القمر من قبحه وقد تبين بما ذكرناه أن هذا الخبر الحجة ترجم فتياه أنه يقول ما قاله الله ورسوله والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ولم ينقل مقالته عن أحد من الصحابة وإذ قد أتينا على إفساد كلامه وإيضاح إيهامه وإزالة إبهامه ونقض إبرامه وتنكيس أعلامه فلنأخذ بعد هذا فيما يتعلق بغرضنا وإيضاح نحلتنا فنقول وبالله التوفيق. على سامع هذه الآيات والأخبار المتعلقة بالصفات ما قررناه من الوظائف وهي التقديس والإيمان والتصديق والاعتراف بالعجز والسكوت والإمساك عن التصرف في الألفاظ الواردة وكف الباطن عن التفكر في ذلك واعتقاده أن ما خفي عنه لم يخف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن الصديق ولا عن أكابر الصحابة رضي الله عنهم ولنأخذ الآن في إبراز اللطائف من خفيات هذه الوظائف فأقول وبالله المستعان. أما التقديس فهو أن يعتقد في كل آية أو خبر معنى يليق بجلال الله تعالى مثال ذلك إذا سمع قوله صلى الله عليه وسلم " إن الله ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا " وكان النزول يطلق على ما يفتقر إلى جسم عال وجسم