محل النجو وإقامة دعائم الصلاة أو وافقوا السلف في تنزيه الباري سبحانه وتعالى عن الجهة وهل سمعوا في كتاب الله أو أثارة من علم عن السلف أنهم وصفوا الله تعالى بجهة العلو وإن كل ما لا يصفه به فهو ضال مضل من فراخ الفلاسفة واليهود واليونان انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثما مبينا ونحن الآن نبتدئ بإفساد ما ذكره ثم بعد ذلك نقيم الحجة على نفي الجهة والتشبيه وعلى جميع ما يدعيه وبالله المستعان.
(فأقول): ادعى أولا أنه يقول بما قاله الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم ثم إنه قال ما لم يقله الله ولا رسوله ولا السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ولا شيئا منه. فأما الكتاب والسنة فسنبين مخالفته لهما، وأما السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار فذكره لهم في هذا الموضع استعاره للتهويل وإلا فهو لم يورد من أقوالهم كلمة واحدة لا نفيا ولا إثباتا. وإذا تصفحت كلامه عرفت ذلك اللهم إلا أن يكون مزاده بالسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار مشايخ عقيدته دون الصحابة وأخذ بعد هذه الدعوى في مدحه صلى الله عليه وسلم وفي مدح دينه وأن أصحابه أعلم الناس بذلك والأمر كما قاله وفوق ما قاله، وكيف المدائح تستوفي مناقبه ولكن كلامه كما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه كلمة حق أريد بها باطل ثم أخذ بعد ذلك في ذم الأئمة وأعلام الأمة حيث اعترفوا بالعجز عن إدراكه سبحانه وتعالى مع أن سيد الرسل صلى الله عليه وسلم قال:
لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك، وقال الصديق رضي الله عنه العجز عن درك الادراك إدراك وتجاسر المدعي على دعوى المعرفة وأن ابن الحيض قد عرف القديم على ما هو عليه ولا غرور ولا جهل أعظم ممن يدعي ذلك فنعوذ بالله من الخذلان ثم أخذ بعد ذلك في نسبة مذهب جمهور أمة محمد صلى الله عليه وسلم إلى أنه مذهب فراخ الفلاسفة وأتباع اليونان اليهود ستكتب شهادتهم ويسئلون ثم قال كتاب الله تعالى