كلها نشأ عنه الكفر والمعصية وما رأيت مفسدة من أمور الدنيا والآخرة تنشأ إلا عن الجهل فهو أضر الأشياء. فإن قلت: قد نقل عن جهم وأصحابه أنهم قالوا بفناء الجنة والنار وإن أئمة الإسلام كفروهم بذلك لأربع آيات من القرآن قوله تعالى (أكلها دائم) و (ماله نفاد) (لا مقطوعة ولا ممنوعة) (عطاء غير مجذوذ) ولما رواه الطبراني وابن ماجة في التفسير. قلت: من قال بفناء الجنة والنار أو أحدهما فهو كافر. فإن قلت: قد قال هذا المصنف إن هذا قاله جهم لأصله الذي اعتقده وهو امتناع وجود ما لا يتناهى من الحوادث وهو عمدة أهل الكلام استدلوا به على حدوث الأجسام وحدوث ما لا يخلو من الحوادث قلت:
في هذا دسيسة يشبه أن يكون هذا المصنف قصد به التطرق إلى حلول الحوادث بذات الباري تعالى وتنزه وقد أطال الكلام في ذلك وقال بعده أنه اشتبه هذا على كثير من أهل الكلام هذا ما اعتقدوه حقا حتى بنوا عليه حدوث ما لم يخل عن الحوادث ثم قال وعليه أيضا نفي الصفات لأنها أعراض لا تقوم إلا بجسم هذا كلامه ويشبه أن يكون عمل هذا التصنيف وسيلة إلى تقرير ذلك نسأل الله تعالى العافية والسلامة والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وأزواجه وذريته والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليما كثيرا..
قال مصنفها التقي السبكي صنفتها في ذي الحجة سنة ثمان وأربعين وسبعمائة والحمد لله رب العالمين