وقال ابن حزم:
(وهذا إسناد صحيح، ولا يضر إسناد ابن جريج له أن أوقفه معمر ومالك وعبيد الله ويونس وابن عيينة، فابن جريج لا يتأخر عن أحد من هؤلاء في الثقة والحفظ، والزهري واسع الرواية، فمرة يرويه عن سالم عن أبيه، ومرة عن حمزة عن أبيه وكلاهما ثقة، وابن عمر كذلك: مرة رواه مسندا، ومرة روى أن حفصة أفتت به، ومرة أفتى هو به، وكل هذا قوة للخبر).
قلت: وهذا توجيه قوي للاختلاف الذي أعل بعضهم هذا الحديث به، وابن جريج هو كما قال ابن حزم في الثقة والضبط، غير أنه موصوف بالتدليس كما صرح بذلك الدارقطني وغيره، والظاهر أن ابن حزم لا علم عنده بذلك وإلا لم يحتج بابن جريج أصلا، فان من مذهبه أن المدلس لا يحتج بحديثه، ولو صرح بالتحديث، خلافا لجمهور العلماء الذين يقبلون حديثه إذا صرح بسماعه، لكن ابن جريج لم يذكر سماعه في هذا الحديث، فإن كان تلقاه عن الزهري مباشرة فهو متابع قوي لعبد الله ابن أبي بكر، والا فالعمدة فيه على الثاني منهما.
وقد وجدت له طريقا أخرى عن ابن شهاب بإسناد آخر له عن ابن عمر به رواه رشدين عن عقيل وقرة عن ابن شهاب عن حمزة بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن حفصة زوج النبي (ص)، مرفوعا بلفظ:
(لا صيام لمن لا يوجب الصيام من الليل).
أخرجه ابن عدي في (الكامل) (ص 273 / 1).
وهذا سند ضعيف، رشدين هو ابن سعد المصري وهو ضعيف، رجح عليه أبو حاتم ابن لهيعة، وقال ابن يونس: كان صالحا في دينه فأدركته غفلة الصالحين فخلط في الحديث. كما في (التقريب).
قلت: وهذا من تخاليطه، فقد رواه يونس ومعمر وسفيان عن ابن شهاب به موقوفا على حفصة.