والبيت السابع مكشوف المعنى، وكذلك الثامن.
فأما البيت الأخير فإن غاية ما يمدح به الشيب ويفضل له أن يقال: إن العمر فيه ممتد يزيد على العمر في الشباب، فكأنني سلمت هذا الذي تدعى به الفضيلة والمزية وقلت: إذا كان المشيب لم يدع شيئا سوى النفس الدال على وجود الحياة مجردة من كل انتفاع والتذاذ وبلوغ أرب ووطر، فأي فائدة في طول عمر بلا منفعة ولا لذة ولا متعة، وإنما يراد تطاول العمر لزيادة الانتفاع وطول الاستمتاع.
ولي في مثل ذلك وهي قطعة مفردة:
لا تنظري اليوم يا سلمى إلي فما * أبق المشيب بوجهي نضرة البشر جنى علي فقولي كيف أصنع في * جان إذا كان يجني غير معتذر عرا فأعرى من الأقطار قاطبة * قهرا وألبسني ما ليس من وطري وقد حذرت ولكن رب مقترب * لم أنج منه وإن حاذرت بالحذر فإن شكوت إلى قوم مساكنهم * ظل السلامة ردوني إلى القدر كوني كما شئت في طول وفي قصر * فليس أيام شيب الرأس من عمري فقل لمن ظل يسلي عن مصيبته * لا سلوة لي عن سمعي وعن بصري شر العقوبة يا سلمى على رجل * عقوبة من صروف الدهر في الشعر إن كان طال له عمر فشيبه * فكل طول عداه الفضل كالقصر يلين منه ويرخى من معاجمه * كرها ولو كان منحوتا من الحجر فإن تكن وخطات الشيب في شعري * بيضا فكم من بياض ليس للغرر ما كل إشراقة للصبح في غلس * وليس كل ضياء من سنا القمر معنى قولي " وكل طول عداه الفضل كالقصر " أن طول الزمان إنما يحمد