المحراب بإزاء الميزاب، فلاتفاق على أنه قبلة البعيد عن الكعبة إنما هي سمتها.
والخبر إن سلم فغايته علمه صلى الله عليه وآله بالعين، ولا يدل على وجوب توجهه إليها فضلا عن غيره، بل بمعنى أنه لا شبهة في أنه مسدد لا يجوز الانحراف عنه بالاجتهاد يمينا أو شمالا، وإن غلب على الظن وجوبه فهو وهم. وإنما خصص محرابه صلى الله عليه وآله بالمدينة لأنه أقرب إلى الضبط من سائر المحاريب المنسوبة إليه، أو إلى أحد الأئمة عليهم السلام نصبا أو صلاة إليها.
(وأهل كل إقليم) أي صقع من الأرض، قال ابن الجواليقي: ليس بعربي محض (1)، وقال الأزهري: أحسبه عربيا، قال: كأنه سمي إقليما لأنه مقلوم من الإقليم الذي يتاخمه، أي مقطوع عنه (2) (يتوجهون إلى ركنهم) من الكعبة، وما يقرب منه من جدرانها.
(فالعراقي) من أركانها (وهو الذي فيه الحجر لأهل العراق ومن والاهم) أي كان في جهتهم إلى أقصى المشرق وجنبيه مما بينه وبين الشمال والجنوب.
ففي إزاحة العلة: إن أهل العراق وخراسان إلى جيلان وجبال الديلم، وما كان في حدوده مثل الكوفة وبغداد وحلوان إلى الري، وطبرستان إلى جبل سابور، وإلى ما وراء النهر إلى خوارزم إلى الشاش وإلى منتهى حدوده، ومن يصلي إلى قبلتهم من أهل المشرق يتوجهون إلى المقام والباب (3)، وإن أهل البصرة والبحرين واليمامة والأهواز وخوزستان وفارس وسجستان إلى التبت إلى الصين يتوجهون إلى ما بين الباب والحجر الأسود (4).
قلت: ولا ينافي اتفاق هذه البلاد في جهة القبلة اختلافها في العروض