وتعهد أهل اليتم، وذوي الرقة في السن، ممن لا حيلة له، ولا ينصب للمسألة نفسه، وذلك على الولاة ثقيل، والحق كله ثقيل، وقد يخففه الله على أقوام طلبوا العاقبة فصبروا أنفسهم، ووثقوا بصدق موعود الله لهم.
* * * الشرح:
انتقل من التجار وأرباب الصناعات إلى ذكر فقراء الرعية ومغموريها، فقال:
وأهل البؤسى، وهي البؤس كالنعمى للنعيم، والزمني أولو الزمانة.
والقانع: السائل، والمعتر: الذي يعرض لك ولا يسألك، وهما من ألفاظ الكتاب العزيز (١).
وأمره أن يعطيهم من بيت مال المسلمين لأنهم من الأصناف المذكورين في قوله تعالى:
﴿واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل﴾ (2)، وأن يعطيهم من غلات صوافي الاسلام - وهي الأرضون التي لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب - وكانت صافية لرسول الله صلى الله عليه وآله، فلما قبض صارت لفقراء المسلمين، ولما يراه الامام من مصالح الاسلام.
ثم قال له: " فإن للأقصى منهم مثل الذي للأدنى "، أي كل فقراء المسلمين سواء في سهامهم، ليس فيها أقصى وأدنى، أي لا تؤثر من هو قريب إليك أو إلى أحد من خاصتك على من هو بعيد ليس له سبب إليك، ولا علقة بينه وبينك، ويمكن أن يريد به: لا تصرف غلات ما كان من الصوافي في بعض البلاد إلى مساكين ذلك .