افترضها الله عليه من عبادته، ولقد أحسن عليه السلام في قوله: وإن كانت كلها لله "، أي أن النظر في أمور الرعية مع صحة النية وسلامة الناس من الظلم من جملة العبادات والفرائض أيضا.
ثم قال له: " كاملا غير مثلوم "، أي لا يحملنك شغل السلطان على أن تختصر الصلاة اختصارا بل صلها بفرائضها وسننها وشعائرها في نهارك وليلك، وإن أتعبك ذلك ونال من بدنك وقوتك.
ثم أمره إذا صلى بالناس جماعة ألا يطيل فينفرهم عنها، وألا يخدج الصلاة وينقصها فيضيعها (1).
ثم روى خبرا عن النبي صلى الله عليه وآله، وهو قوله عليه السلام له: " صل بهم كصلاة أضعفهم "، وقوله: " وكن بالمؤمنين رحيما " يحتمل أن يكون من تتمة الخبر النبوي، ويحتمل أن يكون من كلام أمير المؤمنين عليه السلام، والظاهر أنه من كلام أمير المؤمنين من الوصية للأشتر، لان اللفظة الأولى عند أرباب الحديث هي المشهور في الخبر.
* * * الأصل:
وأما بعد هذا، فلا تطولن احتجابك عن رعيتك، فإن احتجاب الولاة عن الرعية شعبة من الضيق، وقلة علم بالأمور. والاحتجاب منهم يقطع عنهم علم ما احتجبوا دونه فيصغر عندهم الكبير، ويعظم الصغير ويقبح الحسن، ويحسن القبيح، ويشاب الحق بالباطل، وإنما الوالي بشر لا يعرف ما توارى عنه الناس به من الأمور، وليست على الحق سمات تعرف بها ضروب الصدق من .