وكان الحجاج يسم أيدي النبط بالمشراط والنيل.
لما وقعت فتنة ابن الزبير اعتزل شريح القضاء وقال: لا أقضى في الفتنة، فبقي لا يقضى تسع سنين، ثم عاد إلى القضاء وقد كبرت سنه، فاعترضه رجل وقد انصرف من مجلس القضاء، فقال له: أ ما حان لك أن تخاف الله! كبرت سنك، وفسد ذهنك، وصارت الأمور تجوز عليك، فقال، والله لا يقولها بعدك لي أحد. فلزم بيته حتى مات.
قيل لأبي قلابة وقد هرب من القضاء: لو أجبت؟ قال: أخاف الهلاك، قيل:
لو اجتهدت لم يكن عليك بأس، قال: ويحكم! إذا وقع السابح في البحر كم عسى أن يسبح!
دعا رجل لسليمان الشاذكوني، فقال: أرانيك الله يا أبا أيوب على قضاء إصبهان!
قال: ويحك! إن كان ولا بد فعلى خراجها، فان أخذ أموال الأغنياء أسهل من أخذ أموال الأيتام.
ارتفعت جميلة بنت عيسى بن جراد - وكانت جميلة كاسمها - مع خصم لها إلى الشعبي - وهو قاضي عبد الملك - فقضى لها، فقال هذيل الأشجعي:
فتن الشعبي لما * رفع الطرف إليها فتنته بثنايا * ها وقوسي حاجبيها ومشت مشيا رويدا * ثم هزت منكبيها فقضى جورا على الخصم * ولم يقض عليها فقبض الشعبي عليه وضربه ثلاثين سوطا.
قال ابن أبي ليلى: ثم انصرف الشعبي يوما من مجلس القضاء وقد شاعت الأبيات