شهد لها. فأما تعلقه بإضافة البيوت إليهن في قوله: (وقرن في بيوتكن)، فمن ضعيف الشبهة، لأنا قد بينا فيما مضى من هذا الكتاب أن هذه الإضافة لا تقتضي الملك، وإنما تقتضي السكنى، والعادة في استعمال هذه اللفظة فيما ذكرناه ظاهرة قال تعالى: ﴿لا تخرجوهن من بيوتهن﴾ (1)، ولم يرد الله تعالى إلا حيث يسكن وينزلن دون حيث يملكن وما أشبهه، وأظرف من كل شئ تقدم قوله: إن الحسن (عليه السلام) استأذن عائشة في أن يدفن في البيت حتى منعه مروان وسعيد بن العاص، لأن هذه مكابرة منه ظاهرة، فان المانع للحسن (عليه السلام) من ذلك لم يكن إلا عائشة، ولعل من ذكره من مروان وسعيد وغيرهما أعانها واتبع في ذلك أمرهما، وروى أنها خرجت في ذلك اليوم على بغل حتى قال ابن عباس: يوما على بغل ويوما على جمل! فكيف تأذن عائشة في ذلك، وهي مالكة الموضع على قولهم، ويمنع منه مروان وغيره ممن لا ملك له في الموضع ولا شركة ولا يد!
وهذا من قبيح (2) ما يرتكب. وأي فضل لأبي بكر في روايته عن النبي (صلى الله عليه وآله) حديث الدفن! وعملهم بقوله إن صح فمن مذهب صاحب الكتاب وأصحابه العمل بخبر الواحد العدل في أحكام الدين العظيمة، فكيف لا يعمل بقول أبى بكر في الدفن وهم يعملون بقول من هو دونه فيما هو أعظم من ذلك (3)!
* * * قلت: أما أبو بكر، فإنه لا يلحقه بدفنه مع الرسول (صلى الله عليه وآله) ذم، لأنه ما دفن نفسه، وإنما دفنه الناس وهو ميت، فإن كان ذلك خطأ فالاثم والذم لاحقان بمن فعل به ذلك، ولم يثبت عنه بأنه أوصى أن يدفن مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإنما قد يمكن أن يتوجه هذا الطعن إلى عمر، لأنه سأل عائشة أن يدفن في الحجرة مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأبى بكر. والقول عندي مشتبه في أمر حجر الأزواج: