فأما احتجاج قاضي القضاة بقوله: (وقرن في بيوتكن)، فاعتراض المرتضى عليه قوى، لأن هذه الإضافة إنما تقتضي التخصيص فقط لا التمليك، كما قال: ﴿لا تخرجوهن من بيوتهن﴾ (1)، ويجوز أن يكون أبو بكر لما روى قوله: " نحن لا نورث " ترك الحجر في أيدي الزوجات والبنت على سبيل الاقطاع لهن لا التمليك، أي أباحهن السكنى لا التصرف في رقاب الأرض والأبنية والآلات، لما رأى في ذلك من المصلحة، ولأنه كان من المتهجن القبيح إخراجهن من البيوت، وليس كذلك فدك، فإنها قرية كبيرة ذات نخل كثير خارجة عن المدينة، ولم تكن فاطمة متصرفة فيها من قبل نفسها ولا بوكيلها، ولا رأتها قط، فلا تشبه حالها حال الحجر. وأيضا لإباحة هذه الحجر ونزارة أثمانهن، فإنها كانت مبنية من طين قصيرة الجدران، فلعل أبا بكر والصحابة استحقروها، فأقروا النساء فيها وعوضوا المسلمين عنها بالشئ اليسير مما يقتضى الحساب أن يكون من سهم الأزواج والبنت عند قسمة الفئ.
وأما القول في الحسن وما جرى من عائشة وبنى أمية فقد تقدم، وكذلك القول في الخبر المروى في دفن الرسول (صلى الله عليه وآله) فكان أبو المظفر هبة الله بن الموسوي صدر المخزن المعمور، كان في أيام الناصر لدين الله إذا حادثته حديث وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) رواية أبى بكر ما رواه من قوله (عليه السلام): " الأنبياء يدفنون حيث يموتون "، يحلف أن أبا بكر افتعل هذا الحديث في الحال والوقت، ليدفن النبي (صلى الله عليه وآله) في حجرة ابنته، ثم يدفن هو معه عند موته، علما منه أنه لم يبق من عمره إلا مثل ظمء (2) الحمار، وأنه إذا دفن النبي (صلى الله عليه وآله) في حجرة ابنته فإن ابنته تدفنه لا محالة في حجرتها عند بعلها، وأن دفن النبي (صلى الله عليه وآله) في موضع