والواجب عليك أن تتذكر ما مضى لمن تقدمك، من حكومة عادلة، أو سنة فاضلة، أو أثر عن نبينا صلى الله عليه وآله، أو فريضة في كتاب الله فتقتدي بما شاهدت مما عملنا به فيها، وتجتهد لنفسك في اتباع ما عهدت إليك في عهدي هذا، واستوثقت به من الحجة لنفسي عليك، لكيلا تكون لك علة عند تسرع نفسك إلى هواها.
* * * الشرح:
قد اشتمل هذا الفصل على وصايا نحن شارحوها منها قوله عليه السلام: " إياك وما يعجبك من نفسك والثقة بما يعجبك منها " قد ورد في الخبر: ثلاث مهلكات:
شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه " وفى الخبر أيضا: لا وحشة أشد من العجب " وفي الخبر: الناس لآدم، وآدم من تراب، فما لابن آدم والفخر والعجب! ". وفي الخبر: " الجار ثوبه خيلاء لا ينظر الله إليه يوم القيامة " وفى الخبر - وقد رأى أبا دجانة يتبختر: " إنها لمشية يبغضها الله إلا بين الصفين ".
ومنها قوله: " وحب الإطراء " ناظر المأمون محمد بن القاسم النوشجاني المتكلم، فجعل يصدقه ويطريه ويستحسن قوله، فقال المأمون: يا محمد، أراك تنقاد إلى ما تظن أنه يسرني قبل وجوب الحجة لي عليك، وتطريني بما لست أحب أن عليه السلام أطرى به، وتستخذي لي في المقام الذي ينبغي أن تكون فيه مقاوما لي، ومحتجا على، ولو شئت أن أقسر الأمور بفضل بيان، وطول لسان، وأغتصب الحجة بقوة الخلافة، وأبهة الرياسة لصدقت وإن كنت كاذبا، وعدلت وإن كنت جائرا، وصوبت وإن كنت مخطئا،