ووقوف الناس عليها ولا بد أن يحيطوا بها علما، وإن اجتهد في سترها. وقد أخذ هذا المعنى الأخير محمود الوراق فقال:
إذا اعتصم الوالي بإغلاق بابه * ورد ذوي الحاجات دون حجابه ظننت به إحدى ثلاث وربما * رجمت بظن واقع بصوابه أقول به مس من العي ظاهر * ففي إذنه للناس إظهار ما به فإن لم يكن عي اللسان فغالب * من البخل يحمى ماله عن طلابه وإن لم يكن لا ذا ولا ذا فريبة * يكتمها مستورة بثيابه.
أقام عبد العزيز بن زرارة الكلابي على باب معاوية سنة في شملة من صوف لا يأذن له:
ثم أذن له وقربه وأدناه، ولطف محله عنده حتى ولاه مصر، فكان يقال: استأذن أقوام لعبد العزيز بن زرارة، ثم صار يستأذن لهم، وقال في ذلك:
دخلت على معاوية بن حرب * ولكن بعد يأس من دخول وما نلت الدخول عليه حتى * حللت محلة الرجل الذليل وأغضيت الجفون على قذاها * ولم أنظر إلى قال وقيل وأدركت الذي أملت منه * وحرمان المنى زاد العجول ويقال: إنه قال له لما دخل عليه أمير المؤمنين: دخلت إليك بالأمل، واحتملت جفوتك بالصبر، ورأيت ببابك أقواما قدمهم الحظ وآخرين أخرهم الحرمان، فليس ينبغي للمقدم أن يأمن عواقب الأيام، ولا للمؤخر أن ييئس من عطف الزمان.
وأول المعرفة الاختبار، فابل واختبر إن رأيت. وكان يقال: لم يلزم باب السلطان أحد فصبر على ذل الحجاب، وكلام البواب، وألقى الانف، وحمل الضيم، وأدام الملازمة إلا وصل إلى حاجته أو إلى معظمها.