وولى ابنه الخلافة وهو حي منقطع في بيته، مكفوف عاجز عن الحركة، فسمع ضوضاء الناس، فقال: ما الخبر؟ فقالوا ولى ابنك الخلافة، فقال: رضيت بنو عبد مناف بذلك؟
قالوا: نعم، قال: اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت.
ولم يل الخلافة من أبوه حي إلا أبو بكر، وأبو بكر عبد الكريم (1) الطائع لله، ولى الامر وأبوه المطيع حي، خلع نفسه من الخلافة، وعهد بها إلى ابنه. وكان المنصور يسمى عبد الله بن الحسن بن الحسن (2) أبا قحافة تهكما به، لان ابنه (3) محمدا ادعى الخلافة وأبوه حي.
ومات أبو بكر وأبو قحافة حي، فسمع الأصوات فسأل، فقيل: مات ابنك، فقال: رزء جليل. وتوفى أبو قحافة في أيام عمر في سنة أربع عشرة للهجرة، وعمره سبع وتسعون سنة، وهي السنة التي توفى فيها نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم (4).
إن قيل: بينوا لنا ما عندكم في هذا الكلام! أليس صريحه دالا على تظليم القوم ونسبتهم إلى اغتصاب الامر! فما قولكم في ذلك؟ إن حكمتم عليهم بذلك فقد طعنتم فيهم، وإن لم تحكموا عليهم بذلك، فقد طعنتم في المتظلم المتكلم عليهم!
قيل: أما الامامية من الشيعة فتجري هذه الألفاظ على ظواهرها، وتذهب إلى أن النبي صلى الله عليه وآله نص على أمير المؤمنين عليه السلام، وأنه غصب حقه.