وقوله: " اليمين والشمال "، مثال لان السالك الطريق المنهج اللاحب ناج، والعادل عنها يمينا وشمالا معرض للخطر.
ونحو هذا الكلام ما روى عن عمر، أنه لما صدر عن منى في السنة التي قتل فيها، كوم كومة من البطحاء (١) فقام عليها، فخطب الناس، فقال: أيها الناس، قد سنت لكم السنن، وفرضت لكم الفرائض، وتركتم على الواضحة، إلا أن تميلوا بالناس يمينا وشمالا گ ثم قرأ: ﴿ألم نجعل له عينين. ولسانا وشفتين. وهديناه النجدين﴾ (2) ثم قال الا إنهما نجدا الخير والشر، فما جعل نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير.
* * * [من كلام للحجاج وزياد نسجا فيه على منوال كلام على] وقوله: " إن الله داوى هذه الأمة بدواءين " كلام شريف، وعلى منواله نسج الحجاج وزياد كلامهما المذكور فيه السوط والسيف. فمن ذلك قول الحجاج (3):
من أعياه داؤه، فعلى دواؤه، ومن استبطأ أجله فعلى أن أعجله، ومن استثقل رأسه وضعت عنه ثقله، ومن استطال ماضي عمره قصرت عليه باقيه، إن للشيطان طيفا، وإن للسلطان سيفا، فمن سقمت سريرته، صحت عقوبته، ومن وضعه ذنبه، رفعه صلبه، ومن لم تسعه العافية لم تضق عنه الهلكة، ومن سبقته بادرة فمه، سبق بدنه سفك دمه. إني لأنذر ثم لا أنظر، وأحذر ثم لا أعذر، وأتوعد ثم لا أغفر، إنما أفسدكم (4) ترقيق ولاتكم. ومن استرخى لببه (5)، ساء أدبه. إن الحزم والعزم سلباني