وكان هذا النمط في كلامه ينفق على أهل بغداد، وصار له بينهم صيت مشهور، واسم كبير. وحكى عنه أبو الفرج بن الجوزي في " التاريخ " أنه قال على المنبر:
معاشر الناس، إني كنت دائما أدعوكم إلى الله، وأنا اليوم أحذركم منه، والله ما شدت الزنانير إلا في حبه، ولا أديت الجزية إلا في عشقه.
وقال أيضا: إن رجلا يهوديا أدخل عليه ليسلم على يده، فقال له: لا تسلم، فقال له الناس: كيف تمنعه من الاسلام؟ فقال: احملوه إلى أبى حامد - يعنى أخاه - ليعلمه " لا " (1) إلى المنافقين. ثم قال: ويحكم أتظنون أن قوله: " لا إله إلا الله " منشور ولايته!
ذا منشور عزله (2). وهذا نوع تعرفه الصوفية بالغلو والشطح.
ويروى عن أبي يزيد البسطامي (3) منه كثير. ومما يتعلق بما نحن فيه ما رووه عنه من قوله:
فمن آدم في البين * ومن إبليس لولاكا!
فتنت الكل والكل * مع الفتنة يهواكا ويقال: أول من قاس إبليس، فأخطأ في القياس وهلك بخطئه. ويقال: إن أول حمية وعصبية ظهرت عصبية إبليس وحميته.
[اختلاف الأقوال في خلق الجنة والنار] فإن قيل: فما قول شيوخكم في الجنة والنار، فإن المشهور عنهم أنهما لم يخلقا، وسيخلقان