فإن تسأليني كيف أنت فإنني * صبور على ريب الزمان صليب (1) يعز على أن ترى بي كآبة * فيشمت عاد أو يساء حبيب [فصل في الرياء والنهى عنه] واعلم أنه عليه السلام، بعد أن أمرنا بالصبر، نهى عن الرياء في العمل، والرياء في العمل منهي عنه، بل العمل ذو الرياء ليس بعمل على الحقيقة، لأنه لم يقصد به وجه الله تعالى.
وأصحابنا المتكلمون يقولون: ينبغي أن يعمل المكلف الواجب لأنه واجب ويجتنب القبيح لأنه قبيح، ولا يفعل الطاعة ويترك المعصية رغبة في الثواب، وخوفا من العقاب، فإن ذلك يخرج عمله من أن يكون طريقا إلى الثواب، وشبهوه بالاعتذار في الشئ، فإن من يعتذر إليك من ذنب خوفا أن تعاقبه على ذلك الذنب، لا ندما على القبيح الذي سبق منه، لا يكون عذره مقبولا، ولا ذنبه عندك مغفورا. وهذا مقام جليل لا يصل إليه إلا الافراد من ألوف الألوف.
وقد جاء في الآثار من النهى عن الرياء والسمعة كثير، روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال " يؤتى في يوم القيامة بالرجل قد عمل اعمال الخير كالجبال - أو قال:
كجبال تهامة - وله خطيئة واحدة، فيقال إنما عملتها ليقال عنك، فقد قيل، وذاك ثوابك وهذه خطيئتك، أدخلوه بها إلى جهنم ".
وقال عليه السلام: " ليست الصلاة قيامك وقعودك، إنما الصلاة إخلاصك، وأن تريد بها الله وحده ".
وقال حبيب الفارسي: لو أن الله تعالى أقامني يوم القيامة وقال: هل تعد سجدة سجدت ليس للشيطان فيها نصيب؟ لم أقدر على ذلك.