وتدلوا بها إلى الحكام) (1)، أي تدفعوها إليهم رشوة، وأصله من: أدليت الدلو في البئر، أرسلتها.
فإن قلت: فإن أبا بكر إنما دفعها إلى عمر حين، مات ولا معنى للرشوة عند الموت!
قلت: لما كان عليه السلام يرى أن العدول بها عنه إلى غيره إخراج لها إلى غير جهة الاستحقاق، شبه ذلك بإدلاء الانسان بماله إلى الحاكم، فإنه إخراج للمال إلى غير وجهه، فكان ذلك من باب الاستعارة.
[عهد أبى بكر بالخلافة إلى عمر بن الخطاب] وابن الخطاب هو أبو حفص عمر الفاروق، وأبوه الخطاب بن نفيل بن عبد العزى ابن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب. وأم عمر حنتمة بنت هاشم بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم.
لما احتضر أبو بكر، قال للكاتب اكتب: هذا ما عهد عبد الله بن عثمان (2)، آخر عهده بالدنيا وأول عهده بالآخرة، في الساعة التي يبر فيها الفاجر، ويسلم فيها الكافر. ثم أغمي عليه فكتب الكاتب: عمر بن الخطاب، ثم أفاق أبو بكر، فقال: اقرأ ما كتبت، فقرأ وذكر اسم عمر، فقال: أنى لك هذا! قال: ما كنت لتعدوه، فقال: أصبت، ثم قال: أتم كتابك، قال:
ما أكتب؟ قال اكتب: وذلك حيث أجال رأيه وأعمل فكره، فرأى أن هذا الامر (3 لا يصلح آخره إلا بما به أوله ولا 3)، ولا يحتمله إلا أفضل العرب مقدرة، وأملكهم لنفسه، وأشدهم في حال الشدة، وأسلسهم في حال اللين، وأعلمهم برأي ذوي الرأي، لا يتشاغل بما لا يعنيه، ولا يحزن لما لم ينزل به، ولا يستحى من التعلم، ولا يتحير