شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١ - الصفحة ١٨٥
[قصة الشورى] وصورة هذه الواقعة أن عمر لما طعنه أبو لؤلؤة، وعلم أنه ميت، استشار فيمن يوليه الامر بعده، فأشير عليه بابنه عبد الله، فقال: لاها الله إذا لا يليها رجلان من ولد الخطاب!
حسب عمر ما حمل! حسب عمر ما احتقب، لاها الله! لا أتحملها حيا وميتا! ثم قال: إن رسول الله مات وهو راض عن هذه الستة من قريش: على، وعثمان، وطلحة، والزبير، وسعد، وعبد الرحمن بن عوف، وقد رأيت أن أجعلها شورى بينهم ليختاروا لأنفسهم.
ثم قال: إن أستخلف فقد استخلف من هو خير منى - يعنى أبا بكر - وإن أترك فقد ترك من هو خير منى - يعنى رسول الله صلى الله عليه وآله - ثم قال: ادعوهم لي، فدعوهم، فدخلوا عليه وهو ملقى على فراشه يجود بنفسه.
فنظر إليهم فقال: أكلكم يطمع في الخلافة بعدي! فوجموا، فقال لهم ثانية، فأجابه الزبير وقال: وما الذي يبعدنا منها! وليتها أنت فقمت بها، ولسنا دونك في قريش ولا في السابقة ولا في القرابة.
- قال الشيخ أبو عثمان الجاحظ: والله لولا علمه أن عمر يموت في مجلسه ذلك لم يقدم على أن يفوه من هذا الكلام بكلمة، ولا أن ينبس منه بلفظه -.
فقال عمر: أفلا أخبركم عن أنفسكم! قال: قل، فإنا لو استعفيناك لم تعفنا. فقال:
أما أنت يا زبير فوعق لقس (1)، مؤمن الرضا، كافر الغضب، يوما إنسان ويوما شيطان، ولعلها لو أفضت إليك ظلت يومك تلاطم بالبطحاء على مد من شعير! أفرأيت إن أفضت إليك، فليت شعري، من يكون للناس يوم تكون شيطانا، ومن يكون يوم تغضب!
وما كان الله ليجمع لك أمر هذه الأمة، وأنت على هذه الصفة.
ثم أقبل على طلحة - وكان له مبغضا منذ قال لأبي بكر يوم وفاته ما قال في عمر - فقال له: أقول أم أسكت: قال: قل، فإنك لا تقول من الخير شيئا، قال: أما إني أعرفك منذ أصيبت إصبعك يوم أحد وائيا (2) بالذي حدث لك، ولقد مات رسول الله صلى الله عليه وآله

(1) الوعق: الضجر المتبرم، واللقس: من لا يستقيم على وجه.
(2) وائيا: غاضبا.
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة المؤلف 3
2 القول فيما يذهب إليه المعتزلة في الإمامة والتفضيل والبغاة والخوارج 7
3 القول في نسب أمير المؤمنين عليه السلام وذكر لمع يسيرة من فضائله 11
4 القول في نسب الرضي أبي الحسن رحمه الله وذكر طرف من خصائصه ومناقبه 31
5 القول في شرح خطبة نهج البلاغة 42
6 باب المختار من خطب أمير المؤمنين وما يجرى مجراها 1 - من خطبة له يذكر فيها ابتداء خلق السماء والأرض وخلق آدم 57
7 منها في صفة آدم عليه السلام 96
8 اختلاف الأقوال في خلق البشر 103
9 قول بعض الزنادقة في تصويب إبليس في الامتناع عن السجود لآدم 106
10 اختلاف الأقوال في خلق الجنة والنار 108
11 القول في آدم والملائكة أيهما أفضل 109
12 أديان العرب في الجاهلية 117
13 فضل الكعبة 124
14 فصل في الكلام على السجع 126
15 2 - من خطبة له عليه السلام بعد انصرافه من صفين 131
16 لزوم ما لا يلزم في الكلام وإيراد أمثلة منه 133
17 ما ورد في وصاية من الشعر 143
18 نسب أبي بكر ونبذة من أخبار أبيه 155
19 مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وإمرة أسامة بن زيد على الجيش 159
20 عهد أبي بكر بالخلافة إلى عمر بن الخطاب 163
21 طرف من أخبار عمر بن الخطاب 173
22 قصة الشورى 185
23 نتف من أخبار عثمان بن عفان 198
24 4 - من خطبة له عليه السلام في اهتداء الناس به وذكر كمال دينه ويقينه 207
25 5 - من كلام له عليه السلام لما قبض رسول الله صلى الله عليه 214
26 استطراد بذكر طائفة من الاستعارات 215
27 اختلاف الرأي في الخلافة بعد وفاة رسول الله 215
28 6 - من كلام له عليه السلام لما أشير عليه بألا يتبع طلحة والزبير ولا يرصد لهما القتال طلحة والزبير ونسبهما 225
29 خروج طارق بن شهاب لاستقبال علي 226
30 7 - من خطبة له عليه السلام في ذم قوم باتباع الشيطان وركوبهم متن الزلل 228
31 8 - من كلام له عليه السالم يعني به الزبير في حال اقتضت ذلك أمر طلحة والزبير مع علي بعد بيعتهما له 230
32 9 - من كلام له عليه السلام في صفة أرعدوا وأبرقوا وفشلهما لذلك 237
33 10 - من خطبة له عليه السلام يوعد قوما 239
34 11 - من كلامه له عليه السلام لابنه محمد بن الحنفية لما أعطاه الراية يوم الجمل 241
35 مقتل حمزة بن عبد المطلب 243
36 محمد بن الحنفية ونسبه وبعض أخباره 243
37 12 - من كلام له عليه السلام لما أظفره الله بأصحاب الجمل 246
38 من أخبار يوم الجمل 246
39 13 - من كلام له عليه السلام في ذم أهل البصرة 251
40 من أخبار يوم الجمل أيضا 253
41 14 - من كلام له عليه السلام في ذم أهل البصرة أيضا 267
42 15 - من كلام له عليه السلام فيما رده على المسلمين من قطائع عثمان رضى الله عنه 269
43 16 - من خطبة له عليه السلام لما بويع بالمدينة 272
44 من كلام للحجاج وزيادة نسجا فيه على منوال كلام علي 278
45 17 - من كلام له عليه السلام في صفة من يتصدى للحكم بين الأمة وليس لذلك بأهل 283
46 18 - من كلام له عليه السلام في ذم اختلاف العلماء في الفتيا 288
47 19 - من كلام له عليه السلام قاله للأشعث وهو على منبر الكوفة 291
48 الأشعث بن قيس ونسبه وبعض أخباره 292
49 20 - من خطبة له عليه السلام في تهويل ما بعد الموت وتعظيمه وفيها حث على الاعتبار 298
50 21 - من خطبة له عليه السلام في تذكير المسلمين بالساعة واليوم الآخر 301
51 22 - من خطبة له عليه السلام فيمن اتهمه في دم عثمان 303
52 خطبة علي بمكة في أول إمارته 307
53 خطبته عند مسيره إلى البصرة 308
54 خطبته أيضا بذي قار 309
55 23 - من خطبة له عليه السلام في المال وقسمة الأرزاق بين الناس وفيها الحث على صلة الرحم ورعايته ذوي القربى 312
56 فصل في ذم الحاسد والحسد وما قيل في ذلك من الكلام 315
57 فصل في مدح الصبر وانتظار الفرج وما قيل في ذلك من الكلام 319
58 فصل في الرياء والنهى عنه 325
59 فصل في الاعتضاد بالعشيرة والتكثر بالقبيلة 326
60 فصل في حسن الثناء وطيب الأحدوثة 328
61 فصل في مواساة الأهل وصلة الرحم 329
62 24 - من خطبة له عليه السلام فيمن خالف الحق وخابط الغي 331
63 25 - من خطبة له عليه السلام وقد تواترت عليه الأخبار باستيلاء أصحاب معاوية على البلاد 332
64 نسب معاوية وبعض أخباره 334
65 بسر بن أرطاة ونسبه 340
66 عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب 341
67 أهل العراق وخطب الحجاج فيهم 343