والكروبيون (1) عند أهل الملة سادة الملائكة، كجبرائيل وميكائيل. وعند الفلاسفة أن سادة الملائكة هم الروحانيون - يعنون العقول الفعالة وهي المفارقة للعالم الجسماني المسلوبة التعلق به، لا بالحول ولا بالتدبير. وأما الكروبيون فدون الروحانيين في المرتبة وهي أنفس الأفلاك المدبرة لها، الجارية منها مجرى نفوسنا مع أجسامنا.
ثم هي على قسمين: قسم أشرف وأعلى من القسم الآخر، فالقسم الأشرف ما كان نفسا ناطقة غير حالة في جرم الفلك، كأنفسنا بالنسبة إلى أبداننا. والقسم الثاني ما كان حالا في جرم الفلك، ويجرى ذلك مجرى القوى التي في أبداننا، كالحس المشترك والقوة الباصرة.
* * * الأصل:
منها في صفة آدم عليه السلام:
ثم جمع سبحانه من حزن الأرض وسهلها، وعذبها وسبخها تربة سنها بالماء حتى خلصت، ولاطها بالبلة حتى لزبت، فجبل منها صورة ذات أحناء، ووصول وأعضاء وفصول أجمدها حتى استمسكت، وأصلدها حتى صلصلت، لوقت معدود، وأجل معلوم.
ثم نفخ فيها من روحه فتمثلت (2) إنسانا ذا أذهان يجيلها، وفكر يتصرف بها، وجوارح يختدمها، وأدوات يقلبها، ومعرفة يفرق بها بين الحق والباطل، والأذواق والمشام، والألوان والأجناس، معجونا بطينته الألوان المختلفة،