أنفسهم، وأنا راض بحجة الله عليهم وعمله فيهم، فإن فاءا وأنابا فحظهما أحرزا، وأنفسهما غنما، وأعظم بها غنيمة! وإن أبيا أعطيتهما حد السيف، وكفى به ناصرا لحق، وشافيا لباطل!
ثم نزل.
* * * [خطبته أيضا بذي قار] وروى أبو مخنف عن زيد بن صوحان، قال: شهدت عليا عليه السلام بذي قار (5)، وهو معتم بعمامة سوداء، ملتف بساج يخطب، فقال في خطبة:
الحمد لله على كل أمر وحال، في الغدو والآصال، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، ابتعثه رحمة للعباد، وحياة للبلاد، حين امتلأت الأرض فتنة، واضطرب حبلها، وعبد الشيطان في أكنافها، واشتمل عدو الله إبليس على عقائد أهلها، فكان محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، الذي أطفأ الله به نيرانها، وأخمد به شرارها، ونزع به أوتادها، وأقام به ميلها إمام الهدى، والنبي المصطفى، صلى الله عليه وآله. فلقد صدع بما أمر به، وبلغ رسالات ربه، فأصلح الله به ذات البين، وآمن به السبل، وحقن به به الدماء، وألف به بين ذوي الضغائن الواغرة في الصدور، حتى أتاه اليقين، ثم قبضه الله إليه حميدا. ثم استخلف الناس أبا بكر، فلم يأل جهده، ثم استخلف أبو بكر عمر فلم يأل جهده، ثم استخلف الناس عثمان، فنال منكم ونلتم منه، حتى إذا كان من أمره ما كان، أتيتموني لتبايعوني، فقلت: لا حاجة لي في ذلك، ودخلت منزلي، فاستخرجتموني فقبضت يدي فبسطتموها، وتداككتم (2) على، حتى ظننت أنكم قاتلي، وأن بعضكم قاتل بعض، فبايعتموني وأنا غير مسرور بذلك، ولا جذل.