ولا ريب أن لأبي نعيم مزيد اختصاص به مما جعل الحافظ السلفي يقول - كما في معجم الأدباء (8 / 238) -: روى أبو نعيم عن أبي أحمد كثيرا.
ومنهم أبو بكر الباقلاني شيخ المتكلمين في عصره، أخذ عنه بالإجازة، ومنهم عبد الواحد بن أحمد الباطرقاني أحد أئمة القراء، ومنهم أبو عبد الرحمن السلمي صاحب (طبقات الصوفية) وغير هؤلاء كثير.
عقيدته:
ترجم ابن الجوزي في المنتظم (7 / 191) للعسكري وأثنى عليه علما وفضلا وقال: كان يميل إلى المعتزلة، وجاء الحافظ ابن كثير بعده فقال (11 / 320):
ويقال: إنه كان يميل إلى الاعتزال، والجديد في عبارة ابن كثير أمران:
تصديره ما حكاه ابن الجوزي بصيغة التمريض (يقال)، وتغييره كلمة ابن الجوزي (المعتزلة) إلى كلمة (الاعتزال)، فالاعتزال: مبدأ وعقيدة، والميل إليه ميل واعتناق له، أما (المعتزلة) فأشخاص فيهم اعتناق لذاك المبدأ، وفيهم صفات أخرى قد تجمع بينهم وبين آخرين، ولا يلزم من الميل إليهم من أجل هذه الصفات الأخرى أن يكون ثمت ميل إلى ذلك المبدأ.
وقد وجدت ما يؤيد كلام ابن الجوزي على هذا الوجه الذي بينته، ولم أجد ما يؤيد كلام ابن كثير، على مقتضى ما يفيده لفظه.
وجدت اتصالا بين أبي أحمد والصاحب بن عباد، وهو ينحو في رسالته (الهداية والضلالة) - وهي مطبوعة - منحى القدرية والمعتزلة، وذكر الحافظ السمعاني أنه دخل أصفهان مع أبي بكر الجعابي وهو رافضي، والرفض والاعتزال توأمان في العقيدة، وشيخه ابن المنجم السابق الذكر معتزلي، وله تآليف في ذلك، كما في ترجمته عند ابن خلكان (6 / 198).
أما أن في كتبه وثنايا كلامه ما يشم منه رائحة العقيدة الاعتزالية، فلم أجد شيئا من هذا في كتبه الثلاثة المطبوعة: كتابنا الذي بين يديك (تصحيفات المحدثين) و (شرح ما يقع فيه التصحيف والتحريف) و (المصون).