فيكون عمر أبي أحمد سبع سنوات لما توفي ابن المنجم، ولا يستغرب هذا العمر بالنسبة لهذه الأبيات الخفيفة، ولذا ذكره أبو أحمد في موضعين آخرين من كتابه ص 12، 129 بواسطة بينهما، ولا يبعد أن يكون والده قد اصطحبه معه في رحلة له إلى بغداد بلد ابن المنجم، فأدبه ابن المنجم بهذه الأبيات الواضحة وأسس له بها الجانب الشكلي والمعنوي للشعر، وهل كان أخذه عن الإمام الطبري في هذه السن الصغيرة أو في رحلة أخرى؟ لعل الكتب الأخرى للعسكري التي تستنهض همم الباحثين تكشف عن هذا؟.
وذكر الحافط أبو نعيم أن أبا أحمد دخل أصفهان مرتين سنة 349 و 354، وذكروا أنه رحل إلى البصرة أيضا، فهذه أسماء البلدان التي سموها بالتعيين وأن العسكري دخلها: بغداد والبصرة وأصفهان، قالوا: (وغيرها) دون تعيين وتسمية، على أن بغداد وحدها كانت حاضرة العلوم عامة، والحديث خاصة، وكذلك البصرة، ولا سيما العربية وعلومها.
تلامذته:
تلامذة العالم عنوان في الغالب على الغاية العلمية التي وصل إليها، فنجابتهم سمة دالة على مستواه العلمي، وكونهم أصحاب فنون مختلفة يدل على تفننه الذي يجمع حوله رجالا مختلفي الثقافة. متعددي جوانب المعرفة، وكثرتهم تدل على رفعة ذكره التي تجعله رحلة لطلاب المعرفة، وقد وقفت على أسماء عدد وفير من تلامذته، ولا ريب أن الكشف عن تراجمهم، ومعرفة أحوالهم وألوان ثقافتهم أمر يطول، فلذا أقتصر على ذكر المشهورين منهم مع الإشارة إلى اختصاصاتهم العلمية، فمنهم: أبو هلال العسكري أشهر تلامذته ذكرا، حتى اقترن ذكر أحدهما بالآخر، وهو يعطي الصورة العلمية عن الجانب الأدبي واللغوي عند أبي أحمد. ومنهم الأئمة المحدثون: خلف الواسطي صاحب أطراف الصحيحين، وأبو سعد الماليني، وأبو علي الأهوازي، وأبو نعيم الأصفهاني،