فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة وقلت لأبي أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال فقال والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت لامي أجيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال قالت والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ من القرآن كثيرا إني والله لقد علمت لقد سمعت هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم وصدقتم به ولئن قلت لكم إني بريئة لا تصدقوني ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أنني منه بريئة لتصدقني فوالله لا أجد لي مثلا ولا لكم إلا أبا يوسف حين قال فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ثم تحولت فاضطجعت على فراشي والله يعلم حينئذ أني بريئة وأن الله مبرئي ببراءتي ولكن والله ما كنت أظن أن الله منزل في شأني وحيا يتلى ولشأني في نفسي أحقر من أن يتكلم الله في بأمر ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يبرئني الله بها قالت فوالله ما رام رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أنزل عليه فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء حتى أنه ليتحدر منه العرق مثل الجمان وهو في يوم شات من ثقل القرآن الذي أنزل عليه قال فسري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك فكان أول كلمة تكلم بها أن قال يا عائشة أما الله فقد برأك فقالت لي أمي قومي إليه فقلت والله لا أقوم إليه وإني لا أحمد إلا الله قالت وأنزل الله إن الذين جاؤوا بالافك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الاثم العشر الآيات كلها فلما أنزل الله هذا في برائتي قال أبو بكر الصديق وكان ينفق على مسطح لقرابته وفقره والله لا أنفق على مسطح شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة فأنزل الله تعالى ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم فقال أبو بكر بلى والله إني لأحب أن يغفر الله لي فرجع إلى مسطح الذي كان ينفق عليه وقال
(٢٩٩)