المعيار والموازنة - أبو جعفر الإسكافي - الصفحة ٩٩
وفعلكم يطمع فيكم الأعداء، تقولون في المجالس كيت وكيت، فإذا جاء القتال قلتم: حيدي حياد (1) ما عزت دعوة من دعاكم، ولا استراح قلب من قاساكم، أعاليل بأضاليل، وسألتموني التطويل دفاع ذي الدين المطول].
[وقال:] ليتني لم أعرفكم معرفة جرت ندما [وأعقبت سدما] (2).
[وقال:] و [لقد] ملأتم قلبي غيظا (3) وأفسدتم علي رأيي بالعصيان والخذلان [حتى لقد قالت قريش: إن ابن أبي طالب رجل شجاع ولكن لا علم له بالحرب].
وقد كانت هذه الأحوال مع النبي صلى الله عليه وسلم - وقد ظهرت أسباب العزة (4) وقد جاءهم من الله اليقين - من ارتياب قوم وشك آخرين، وضعف قوم، وتخلف قوم وانهزام قوم خلوا مراكزهم وولوا العدو أدبارهم، وفيهم يقول الله تبارك وتعالى:
" إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم " [153 / آل عمران: 3].
وفي المتخلفين يقول الله: " فاقعدوا مع الخالفين " [46 / التوبة: 9].
وقال: " وإن منكم لمن ليبطأن فإن أصابتكم مصيبة قال: قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا " الآية: [72 / النساء: 4] فهذه الأحوال التي يذكرونها في حروب علي عليه السلام، قد كانت في حروب النبي صلى الله عليه وسلم، فلم جعلتموها علة للنقص، والخطأ في الرأي لولا الحيرة؟!
والنبي صلى الله عليه وسلم [كان] ينزل عليه الوحي ويعينه الله بالملائكة [ومع

(1) هذا هو الظاهر الموافق لما في المختار: (29) من نهج البلاغة، وفي أصلي المخطوط: " تدافعوني دفاع ذي الدين المطول حيادي حيادي... " وإنما وضعنا جميع هذا الكلام بين المعقوفين - مع أن قطعة منه كانت مذكورة في أصلي دلالة على أن ما في الأصل كأنه لم يكن موجودا، لخروجه عن مجراه الحقيقي.
(2) ما بين المعقوفات فيه وما بعده مأخوذ من المختار: (27) من نهج البلاغة، وفيه: " لوددت أني لم أركم ولم أعرفكم معرفة - والله - جرت ندما ".
(3) وفي نهج البلاغة: " قاتلكم الله لقد ملأتم قلبي قيحا وشحنتم صدري غيظا وجرعتموني نغب التهمام أنفاسا ".
(4) لعل هذا هو الصواب، وفي الأصل: " وقد ظهرت أسباب العرب. ".
(٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»
الفهرست