ذلك] فقد زاغت الأبصار من قوم / 30 / عند محنة كانت وضاقت صدورهم وظنوا بالله الظنون فإن كنتم صادقين - ولا أخالكم إلا متعمدين - فاذكروا لنا رأيا من رأيه، وغلظة من غلطاته، ضعفتم أمير المؤمنين رضي الله عنه في رأيه لولا المعاندة.
[و] قد تعلمون شدة مقاساته للحروب (1) واضطلاعه بها، وما مني به من تراكم المحن عليه، واجتماع أهل النكث والبغي على حرية [و] هو المتولي للاصطلاء بحرها والقائم بلم شعثها، والداعي إلى الاجماع عليها منفردا بذلك ليس له نظير يعينه - كما تعرفون لمن كان قبله - يكتب الكتائب، ويجند الجنود، ويبعث البعوث، ويعبي العساكر، ويؤمر الأمراء، ويقوم بالخطب تحريضا وبيانا وتأنيبا، ويوضح السنة ويتولى محاجة من حاجه.
فكم من شبهة قد أوضحها، وكربة قد كشفها، وضلالة قد محقها، وضال قد هداه، ونفس قد أحياها:
فهل يقوى قلب أحد على ما ذكرنا [ه] إلا من نور اليقين قلبه، وعرف ما له عند ربه، وعلم أن بمثل ما فعل ينال رضاه، ويباعد من سخطه.
ففضيلته في الجهاد قد بانت أيام النبي صلى الله عليه وسلم على من كان بحضرته، ومن قدمتموه عليه بدلالة القرآن.
وتقدمه في الإسلام قد وضح بما خص به من المحن الشداد، ومحن الحروب قد خصته بالمكاره (2) وما يشيب عند مثلها الذوائب، والعلم بسببها في قتال الكافرين