على أن يطلبوا بدم عثمان، فرقة للجماعة، وائتلافا لأهل الجهالة!. فرأيك.
فأقبل علي راكبا بغلة رسول الله الشهباء، فدخل المسجد، فركب المنبر مغضبا [و] عليه عمامة خز سوداء، مرتديا بطاق، متزرا ببرد قطري، متوشحا سيفا، متوكئا على قوس، فقال:
أما بعد أيها الناس، فإنا نحمد الله ربنا وإلهنا وولي النعمة علينا، الذي أصبحت نعمه علينا ظاهرة وباطنة، بغير حول منا ولا قوة إلا امتنانا علينا، وفضلا ليبلونا أنشكر أم نكفر، فمن شكر زاده ومن كفر عذبه.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أحدا صمدا.
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، بعثه رحمة للعباد والبلاد والبهائم والأنعام، نعمة أنعم به علينا ومنا وفضلا صلى الله عليه وسلم.
فأفضل الناس - أيها الناس - عند الله منزلة، وأعظمهم شرفا، وأقربهم من رسول الله قربا، وأعظمهم عند الله خطرا أطوعهم لأمر الله، وأعلمهم بطاعة الله، أعملهم وأتبعهم لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحياهم لكتاب الله، فليس / 33 / لأحد ممن خلق الله عندنا فضل إلا بطاعة الله وطاعة رسوله واتباع كتابه وسنة نبيه عليه السلام.
هذا كتاب الله بين أظهركم، وعهد نبي الله وسيرته فينا لا يجهلها إلا جاهل معاند عن الحق، يقول الله في كتابه: " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى، وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم " (1) فمن أتقى فهو الشريف المكرم المحب. وكذلك أهل طاعة الله وطاعة رسوله، لقول الله في كتابه: " إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله " الآية: [31 / آل عمران: 3].