المعيار والموازنة - أبو جعفر الإسكافي - الصفحة ٢١٣
وقد قال قوم (2): إن معنى الحديث إنما هو في الولاية، فمعنى قوله: " من كنت
(٢) وقد قال به قبلهم خالق الأقوام وبارئ الأكوان، فقال لنبيه: " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك، وإن لم تفعل فما بلغت رسالته [٦٧ / المائدة: ٥] فقد روى الواحدي في أسباب النزول ١٥٠، عن أبي سعيد الخدري، قال: نزلت هذه يوم غدير خم في علي بن أبي طالب.
وروى الحافظ الحسكاني في الحديث: (٢٤٧ - ٢٥٠) بأسانيده عن عبد الله بن أبي، أو في الصحابي والإمام أبي جعفر عليه السلام.
وعن جابر بن عبد الله، و عبد الله بن العباس الصحابيين قالا: أمر الله محمدا أن ينصب عليا للناس ويخبرهم بولايته، فتخوف رسول الله أن يقولوا حابا ابن عمه، وأن يطعنوا في ذلك عليه، فأوحى الله إليه:
" يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك.. " فقام رسول الله بولايته يوم غدير خم.
وروى السيوطي في الدر المنثور عن الحافظ ابن مردويه، وابن عساكر بسنديهما عن أبي سعيد الخدري قال: لما نصب رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا يوم غدير خم فنادى له بالولاية، هبط جبرئيل عليه بهذه الآية: " اليوم أكملت لكم دينكم.. ".
أقول: ورواه أيضا بأسانيد الحافظ الحسكاني في الحديث: (٢١١) وتواليه من شواهد التنزيل:
ج ١، ص ١٥٧.
ورواه أيضا ابن عساكر في الحديث: (٥٨٥ - ٥٨٦) من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج ٢ ص ٨٥ ط ١.
وقد روى الخطيب والحافظ الحسكاني وابن عساكر وابن كثير والخوارزميوابن المغازلي بأسانيد عن أبي هريرة قال: من صام يوم ثماني عشر من ذي الحجة كتب له صيام ستين شهرا، وهو يوم غدير خم لما أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد علي بن أبي طالب فقال: ألست ولي المؤمنين؟ قالوا: بلى يا رسول الله.
قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، فقال عمر بن الخطاب: بخ بخ لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مسلم، فأنزل الله عز وجل: " اليوم أكملت لكم دينكم.. ".
وروى الحافظ الحسكاني في الحديث: (٢١١) وما بعده، والخوارزمي في الفصل: (١٤) من مناقبه والفصل: (٤) من مقتله: ج ١، ص ٤٧ واللفظ له - وقد حذفنا الأسانيد اختصارا - قال:
عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري: أن النبي يوم دعا الناس إلى غدير خم أمر بما كان تحت الشجرة من الشوك فقم - وذلك يوم الخميس - ثم دعا الناس إلى علي فأخذ بضبعه فرفعها حتى نظر الناس إلى بياض إبطيه ثم لم يتفرقا حتى نزلت هذه الآية: " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي، ورضيت لكم الإسلام دينا " فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضي الرب برسالتي والولاية لعلي ثم قال: " اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله.
فقال حسان بن ثابت: يا رسول الله لي أن أقول أبياتا؟ فقال: قل ببركة الله تعالى. فقال حسان ابن ثابت: يا معشر مشيخة قريش اسمعوا شهادةرسول الله صلى الله عليه وآله ثم قال:
يناديهم يوم الغدير نبيهم * بخم وأسمع بالرسول مناديا بأني مولاكم نعم ووليكم * فقالوا: ولم يبدو هناك التعاميا إلهك مولانا وأنت ولينا * ولا تجدن في الخلق للأمر عاصيا فقال له: قم يا علي فإنني * رضيتك من بعدي إماما وهاديا فمن كنت مولاه فهذا وليه * فكونوا له أنصار صدق مواليا هناك دعا اللهم وال وليه * وكن للذي عادى عليا معاديا والقصة ذكرها أيضا مع الأبيات السيوطي في كتاب الأزهار فيما عقده الشعراء من الأشعار.
أقول: وبما قدمناه ظهر قول كثير من الأقوام القائلين في هذا الحديث بمثل ما قال الله تبارك وتعالى فيه:
منهم رسول الله صلى الله عليه وآله حيث قال بعد ما نصب عليا إماما للناس وخليفة له: الله أكبر على إكمال الذين وإتمام النعمة ورضى الرب برسالتي والولاية لعلي.
ومنهم أمين الوحي جبرئيل حيث هبط بأمر من الله تعالى على النبي صلى الله عليه وآله وقال له: " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك، وأن لم تفعل فما بلغت رسالته.. ".
ومن القائلين بهذا القول من أصحاب رسول الله ج صلى الله عليه وآله جابر بن عبد الله الأنصاري وأبي سعيد الخدري وعبد الله بن أبي أوفىوعبد الله بن العباسوأبي هريرة الأموي وحسان بن ثابت الأنصاري العثماني وعمر ابن الخطاب.
وسيمر عليك قريبا في التعليقات القادمة شعر أمير المؤمنين عليه السلام:
وأوجب لي ولايته عليكم * رسول الله يوم غدير خم وستقرأ أيضا ما كتبه عمرو بن العاص إلى خالهم معاوية لما ألح عليه بطلب خراج مصر، فكتب إليه عمرو مهددا إياه إن أصر على الطلب منه ومنه:
وكم قد سمعنا من المصطفى * وصايا مخصصة بعلي وفي يوم خم رقى منبرا * وبلغ والصحب لم يرحل فؤمنحه إمرة المؤمنين * من الله مستخلف المنهل ومن أراد المزيد فعليه بما ألفه علماء المسلمين في هذا الحديث قرنا بعد قرن، مثل رسالة الحافظ ابن عقدة وحديث الغدير للطبري المفسر والمؤرخ الشهير، وحديث الغدير للحافظ الدارقطني والذهبي وعبيد الله الحسكاني ومسعود السجستاني وغيرهم..
وعليك بكتاب الغدير، وحديث الغدير من كتاب عبقات الأنوار فإن فيهما ما تشتهيه الأنفس.