فلم يبرح علي رضي الله عنه حتى تفرقوا ودخلوا معه وقلبوا أترستهم.
فتفهموا معاشر المقصرين، وتكفروا يا أصحاب الوقف، واعتبروا يا أولي الأبصار ما يظهر من بيان الله وحجته من تقديم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب على جميع العالمين يقتل في الله القاسطين بسيفه، ويحيي في الله الشاكين بحجته.
فهذه علل الخوارج مجموعة عليها مدار كلامهم كله قد أوضح لبسها، وأزال شبهها، وكشف حيرتها بما لا مرد له من كتاب الله (1) وحجته فأي الأمرين عندكم أصوب؟
وأي المنزلتين أشرف في الدين والرأي؟ أن يدع الناس في حيرتهم ويترك أصحابه في شبهتهم فيكونوا له حربا، ويزيدهم بإقدامه شبهة، ويمضي وحده حتى يقاتل بعصابة معه، فلا ينكأ في عدوه (2) ولا يبلغ فيهم الأمنية، فيكون في ذلك تلفه وتلف من معه وتقوية (3) لمن خالفه / 63 / ويكون في ذلك جهل للسنة في الموادعة، وإطفاء لما أحيا من حجة الله فيكفر الجهل ذلك من جهله وافتتن به.
أم يوادع القوم في حال القلة، ويستعمل بأصحابه [الرفق] في وقت تفرقهم، ودخول الشبهة [عليهم [ليحيي ضالهم، ويستنقذ متحيرهم، ويقوي ضعيفهم، ويثبت عالمهم (4) أي الأمرين أولى بالهدى وأبعد من الخطأ، والله يقول: " من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا، ومن قتلها فكأنما قتل الناس جميعا " [32 / المائدة: 5]