عنده جملة وتفصيلا وهذا خلاف عادة السائل ومما يزيد التعجب أن ما أجابه صلى الله عليه وسلم لا يعرف إلا من جهته وليس هذا الرجل ممن عرف بلقائه صلى الله عليه وسلم فضلا عن سماعه منه (وتؤمن بالقدر خيره وشره) والمراد بالقدر أن الله تعالى علم مقادير الأشياء وأزمانها قبل إيجادها ثم أوجد ما سبق في علمه أنه يوجد، فكل محدث صادر عن علمه وقدرته وإرادته (قال فأخبرني عن الإحسان) قال الحافظ: تقول أحسنت كذا إذا أتقنته، وأحسنت إلى فلان إذا أوصلت إليه النفع والأول هو المراد، لأن المقصود إتقان العبادة. قال وإحسان العبادة الإخلاص فيها والخشوع وفراغ البال حال التلبس بها ومراقبة المعبود. وأشار في الجواب إلى حالتين أرفعهما أن يغلب عليه مشاهدة الحق بقلبه حتى كأنه يراه بعينيه وهو قوله " كأنك تراه " أي وهو يراك والثانية أن يستحضر أن الحق مطلع عليه يرى كل ما يعمل وهو قوله " فإنه يراك " وهاتان الحالتان يثمرهما معرفة الله وخشيته انتهى ملخصا.
(فأخبرني عن الساعة) أي عن وقت قيامها (ما المسؤول عنها) أي ليس الذي سئل عن القيامة (بأعلم من السائل) هذا وإن كان مشعرا بالتساوي في العلم لكن المراد التساوي في العلم بأن الله تعالى استأثر بعلمها، وعدل عن قوله لست بأعلم بها منك إلى لفظ يشعر بالتعميم تعريضا للسامعين أي أن كل سائل وكل مسؤول فهو كذلك. قاله الحافظ (عن أماراتها) بفتح الهمزة جمع أمارة بمعنى العلامة (أن تلد الأمة ربتها) أي سيدتها ومالكتها.