على الناسب (وإلا) أي لم يكن هو كافرا (كان هو) أي الناسب (الكافر) أي يخاف عليه شؤم كلامه. قاله السندي والحديث سكت عنه المنذري:
(أربع) أي خصال أربع أو أربع من الخصال فساغ الابتداء به (من كن) أي تلك الأربع (فيه) الضمير لمن (فهو منافق خالص) قال العلقمي: أي في هذه الخصال فقط لا في غير ها، أو شديد الشبه بالمنافقين، ووصفه بالخلوص يؤيد قول من قال: إن المراد بالنفاق العملي دون الإيماني أن النفاق العرفي لا الشرعي، لأن الخلوص بهذين المعنيين لا يستلزم الكفر الملقى في الدرك الأسفل من النار (حتى يدعها) أي إلى أن يتركها (إذا حدث كذب) أي عمدا بغير عذر (وإذا وعد أخلف) أي إذا وعد بالخير في المستقبل لم يف بذلك (وإذا عاهد غدر) أي نقض العهد وترك الوفاء بما عاهد به عليه. وأما الفرق بين الوعد والعهد فلم أر من ذكر الفرق بين الوعد والعهد صريحا.
والظاهر من صفيع هذا الإمام البخاري رحمه الله أنه لا فرق بينهما بل هما مترادفان فإنه قال في كتاب الشهادات من صحيحه باب من أمر بإنجاز الوعد، ثم استدل على مضمون الباب بأربعة أحاديث أولها حديث أبي سفيان بن حرب في قصة هرقل أورد منه طرفا وهو أن هرقل قال له سألتك ماذا يأمركم. فزعمت أنه أمركم بالصلاة والصدق والعفاف والوفاء بالعهد الحديث.
ولولا أن الوعد والعهد متحدان لما تم هذا الاستدلال، فثبت من صنيعه هذا أنهما متحدان. والظاهر من كلام الحافظ رحمه الله في الفتح أن بينهما فرقا فإنه قال إن معنا هما قد يتحد ونصه في شرح باب علامات المنافق من كتاب الإيمان قال القرطبي والنووي: حصل في مجموع الروايتين خمس خصال لأنهما تواردتا على الكذب في الحديث والخيانة في الأمانة وزاد الأول الخلف في الوعد والثاني العذر في المعاهدة والفجور في الخصومة.
قلت: وفي رواية مسلم الثاني بدل الغدر في المعاهدة الخلف في الوعد كما في الأول، فكأن بعض الرواة تصرف في لفظه لأن معناهما قد يتحد الخ. فلفظه قد تدل دلالة ظاهرة على أن بينهما فرقا، ولكن لم يبين أنه أي فرق بينهما، ولعل الفرق هو أن الوعد أعم من العهد مطلقا، فإن العهد هو الوعد الموثق فأينما وجد العهد، وجد الوعد من غير عكس. لجواز أن يوجد الوعد من غير توثيق.