قال الخطابي: في هذا الحديث بيان أن كل شئ نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عقد نكاح وبيع وغيرهما من العقود فإنه منقوض مردود لأن قوله " فهو رد " يوجب ظاهره إفساده وإبطاله إلا أن يقوم الدليل على أن المراد به غير الظاهر فينزل الكلام عليه لقيام الدليل فيه انتهى (قال ابن عيسى) هو محمد (من صنع أمرا) أي عمل عملا (على غير أمرنا) أي ليس في ديننا، عبر عن الدين به تنبيها على أن الدين هو أمرنا الذي نشتغل به.
قال المنذري: وأخرجه البخاري ومسلم وابن ماجة بنحوه.
(وهو) أي العرباض * (ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم) * أي معك إلى الغزو، والمعنى لا حرج عليهم في التخلف عن الجهاد * (قلت لا أجد ما أحملكم عليه) * حال من الكاف في أتوك بتقدير قد ويجوز أن يكون استئنافا كأنه قيل ما بالهم توالوا. قلت لا أجد، وتمام الآية * (تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون) * وقوله * (تولوا) * جواب إذا ومعناه انصرفوا (فسلمنا) أي على العرباض (زائرين) من الزيارة (وعائدين) من العيادة (ومقتبسين) أي محصلين العلم منك (ذرفت) أي دمعت (ووجلت) بكسر الجيم أي خافت (كأن هذه موعظة مودع) بالإضافة. فإن المودع بكسر الدال عند الوداع لا يترك شيئا مما يهم المودع بفتح الدال، أي كأنك تودعنا بها لما رأى من مبالغته صلى الله عليه وسلم في الموعظة (فماذا تعهد) أي توصى (وإن عبدا حبشيا) أي وإن كان المطاع عبدا حبشيا.
قال الخطابي: يريد به طاعة من ولاه الإمام عليكم وإن كان عبدا حبشيا، ولم يرد بذلك أن يكون الإمام عبدا حبشيا. وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال " الأئمة من قريش " وقد يضرب المثل في الشيء بما لا يكاد يصح في الوجود كقوله صلى الله عليه وسلم " من بنى لله مسجدا ولو مثل مفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة " وقدر مفحص القطاة لا يكون مسجدا لشخص آدمي، ونظائر هذا الكلام كثير