وقال الخطابي: هذا مثل يقول إن لم تقتص منه اليوم لم تثبت سنتك غدا ولم ينفذ حكمك بعدك أو إن لم تفعل ذلك وجد القاتل سبيلا إلى أن يقول مثل هذا القول أعني قوله اسنن اليوم وغير غدا فتتغير لذلك سنتك وتبدل أحكامها انتهى. وقال السيوطي في مرقاة الصعود: إن مثل محلم في قتله الرجل وطلبه أن لا يقتص منه وتؤخذ منه الدية والوقت أول الإسلام وصدره كمثل هذه الغنم النافرة، يعني إن جرى الأمر مع أولياء هذا القتيل على ما يريد محلم ثبط الناس عن الدخول في الإسلام معرفتهم أن القود يغير بالدية والعوض خصوصا وهم حراص على درك الأوثار له وفيهم الأنفة من قبول الديات، ثم حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإقادة منه بقوله اسنن اليوم وغير غدا يريد إن لم تقتص منه غيرت سنتك ولكنه أخرج الكلام على الوجه الذي يهيج المخاطب ويحثه على الإقدام والجرأة على المطلوب منه.
(خمسون) أي إبلا لولي المقتول (في فورنا هذا) أي على الوقت الحاضر لا تأخير فيه (وخمسون) إبلا والمعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم رضي بالدية بدل القصاص فقال إن على القاتل مائة إبل في الدية لولي المقتول خمسون إبلا في الوقت الحاضر وخمسون إبلا بعد الرجوع إلى المدينة (وذلك) أي القتل والقصة كان (طويل آدم) أي أسمر اللون (وهو) أي محلم جالس (في طرف الناس) أي في جانبهم (فلم يزالوا) أي معاونون لمحلم انتصروا له (حتى تخلص) بفتح الخاء وشدة اللام بصيغة الماضي أي نجا محلم من القتل (وعيناه) أي محلم (تدمعان) أي تسيلان الدمع وهو ماء العين (بصوت عال) أي قال النبي صلى الله عليه وسلم هذه الجملة اللهم الخ بصوت عال (فقام) محلم (وإنه) أي محلما (ليتلقى) أي ليأخذ ويمسح. قال في لسان العرب: وتلقاه أي استقبله، وأما قوله تعالى * (فتلقى آدم من ربه كلمات) * فمعناه أنه أخذها عنه انتهى (فزعم قومه) أي محلم (استغفر له) أي لمحلم مطابقة الحديث للترجمة من حيث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أمر عيينة بأخذ الدية عوض القصاص فهو أمر بالعفو. أخرج البخاري في صحيحه عن ابن عباس