وقال القسطلاني: والخطاب في فاجلدوها لملاك الأمة، فيدل على أن السيد يقيم على عبده وأمته الحد ويسمع البينة عليهما، وبه قال مالك والشافعي وأحمد والجمهور من الصحابة والتابعين ومن بعدهم خلافا لأبي حنيفة في آخرين واستثنى مالك القطع في السرقة لأن في القطع مثلة فلا يؤمن السيد أن يريد أن يمثل بعبده فيخشى أن يتصل الأمر بمن يعتقد أنه يعتق بذلك، فيمنع من مباشرته القطع سدا للذريعة (ولو بضفير) بالضاد المعجمة فعيل بمعنى مفعول وهو الحبل المضفور، وعبر بالحبل للمبالغة في التنفير عنها وعن مثلها لما في ذلك من الفساد (قال ابن شهاب لا أدري في الثالثة أو الرابعة) أي لا أدري هل يجلدها ثم يبيعها ولو بضفير بعد الزنية الثالثة أو الرابعة قاله القسطلاني.
قال النووي ما محصله إنه قال الطحاوي لم يذكر في هذه الرواية قوله ولم تحصن غير مالك وأشار بذلك إلى تضعيفها وأنكر الحفاظ هذا على الطحاوي قالوا بل روى هذه اللفظة أيضا ابن عيينة ويحيى بن سعيد عن ابن شهاب كما قال مالك، فهذه اللفظة صحيحة وليس فيها حكم مخالف لأن الأمة تجلد نصف جلد الحرة سواء كانت الأمة محصنة بالتزويج أم لا.
وفي هذا الحديث بيان لمن لم يحصن وفي قوله تعالى: * (فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب) * بيان من أحصنت فحصل من الآية.
والحديث بيان أن الأمة المحصنة بالتزويج وغير المحصنة تجلد وهو معنى ما قال علي رضي الله عنه: يا أيها الناس أقيموا على أرقائكم الحد من أحصن منهم ومن لم يحصن.
والحكمة في التقييد في الآية بقوله: * (فإذا أحصن) * التنبيه على أن الأمة وإن كانت مزوجة لا يجب عليها إلا نصف جلد الحرة لأنه الذي ينتصف، وأما الرجم فلا ينتصف، فليس مرادا في الآية بلا شك، وهذا هو مذهب الشافعي ومالك وأبي حنيفة وجماهير العلماء.
وقال جماعة من السلف لا حد على من لم تكن مزوجة من الإماء والعبيد وممن قاله ابن عباس وطاوس وعطاء وابن جريج وأبو عبيد انتهى.
قال المنذري: وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة.
(فليحدها) أي الحد الواجب المعروف من صريح الآية: * (فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب) * (ولا يعيرها) من التعيير، وهو التوبيخ واللوم والتثريب.