(مستقة) بضم الميم وسكون السين المهملة ومثناه فوقية وقاف. قال الأصمعي:
المساتق فراء طوال الأكمام واحدها مستقة قال وأصلها في الفارسية مشته فعربت كذا في معالم السنن (من سندس) قال الخطابي: يشبه أن تكون هذه المستقة مكففة بالسندس لأن نفس الفروة لا تكون سندسا انتهى. وفي النهاية مستقة بضم التاء وفتحها فرو طويل الكمين وهي تعريب مشقه وقوله من سندس يشبه أنها كانت مكففة بالسندس وهو الرفيع من الحرير والديباج لأن نفس الفرو لا يكون سندس وجمعها مساتق انتهى، (فلبسها) أي المستقة قبل التحريم، ويؤيده ما رواه الإمام أحمد عن أنس بن مالك " أن أكيدر دومة أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم جبة سندس أو ديباج قبل أن ينهى عن الحرير فلبسها فتعجب الناس منها، فقال والذي نفسي بيده لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن منها.
وأخرج الشيخان عن عقبة بن عامر قال: " أهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فروج حرير فلبسه ثم صلى فيه ثم انصرف فنزعه نزعا عنيفا شديدا كالكاره له ثم قال لا ينبغي هذا للمتقين ".
وأخرج مسلم من حديث جابر بن عبد الله يقول: " لبس النبي صلى الله عليه وسلم يوما قباء من ديباج أهدي له ثم أوشك أن ينزعه، فأرسل به إلى عمر بن الخطاب فقيل قد أوشك ما نزعته يا رسول الله، فقال نهاني عنه جبرئيل عليه الصلاة والسلام، فجاءه عمر يبكي، فقال يا رسول الله كرهت أمرا وأعطيتنيه فمالي فقال إني لم أعطكه لتلبسه إنما أعطيتك تبيعه فباعه بألفي درهم " وهذه الأحاديث تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبس الحرير ثم كان التحريم آخر الأمرين (فكأني أنظر إلى يديه تذبذبان).
قال الخطابي: معناه تتحركان وتضطربان يريد الكمين (ثم بعث بها) أي بالمستقة (إلى جعفر) بن أبي طالب (فلبسها) جعفر (إلى أخيك النجاشي) ملك الحبشة مكافأة لإحسانه وبدلا للصنيع المعروف الذي فعله بك، فهذه هدية ملك الروم لائق بحال ملك الحبشة.
وفيه توجيه آخر وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم لبس المستقة بعد تحريم الحرير لكونها مكففة بالسندس وليس جميعها حريرا خالصا، لأن نفس الفروة لا تكون سندسا ومع ذلك ترك لبسها على الورع والتقوى، وعلى هذا التوجيه يطابق الحديث بالباب.
ويحتمل أن يكون عطاؤها لجعفر بعد التحريم، وكان قدر ما كف هنا أكثر من القدر المرخص ثم اهداءها لملك الحبشة لينتفع بها بأن يكسوها النساء والله أعلم.