قال المزي: وأخرج النسائي في عشرة النساء عن عمرو بن علي عن يحيى بن سعيد عن بهز انتهى. قلت: هو في السنن الكبرى للنسائي وليس في السنن الصغرى له، ولذا قال ابن تيمية في المنتقى أخرجه الخمسة إلا النسائي (نحوه) أي حديث مسلمة القعنبي فمسلمة ويحيى كلاهما يرويان عن بهز (عن أبيه) حكيم بن معاوية (عن جده) أي جد بهز وهو معاوية بن حيدة القشيري (عوراتنا) أي أي عورة نسترها وأي عورة نترك سترها (احفظ عورتك) أي استرها كلها (إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك) فيه دليل على أنه يجوز لهما النظر إلى ذلك منه، وقياسه أنه يجوز له النظر.
قال الشوكاني: ويدل أيضا على أنه لا يجوز النظر لغير من استثنى، ومنه الرجل للرجل والمرأة للمرأة. وكما دل مفهوم الاستثناء على ذلك فقد دل عليه منطوق قوله فإذا كان القوم بعضهم في بعض. ويدل على أن التعري في الخلاء غير جائز مطلقا.
وقد استدل البخاري على جوازه في الغسل بقصة موسى وأيوب.
ومما يدل على عدم الجواز مطلقا حديث ابن عمر عند الترمذي بلفظ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إياكم والتعري فإن معكم من لا يفارقكم إلا عند الغائط وحين يفضي الرجل إلى أهله فاستحيوهم وأكرموهم " (بعضهم في بعض) أي مختلطون فيما بينهم مجتمعون في موضع واحد ولا يقومون من موضعهم فلا نقدر على ستر العورة وعلى الحجاب منهم على الوجه الأتم والكمال في بعض الأحيان لضيق الإزار أو لانحلاله لبعض الضرورة، فكيف نصنع بستر العورة وكيف نحجب منهم (أن لا يرينها أحد فلا يرينها) ولفظ الترمذي في الاستئذان أن لا يراها أحد فلا ترينها. ولفظ ابن ماجة في النكاح أن لا تريها أحدا فلا ترينها. وفيه دليل على وجوب الستر للعورة لقوله فلا يرينها ولقوله احفظ عورتك (أن يستحيى منه) بصيغة المجهول أي فاستر طاعة له وطلبا لما يحبه منك ويرضيه، وليس المراد فاستر منه إذ لا يمكن الاستتار منه تعالى، قال السندي.
قال المنذري: وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة. وقال الترمذي: حسن. هذا آخر كلامه، وقد تقدم الاختلاف في بهز بن حكيم وجده هو معاوية بن حيدة القشيري له صحبة.