ويرسل طرفيه عن يمينه وشماله من غير أن يجعلهما على كتفيه. وقال الجوهري: سدل ثوبه يسدله بالضم سدلا أي أرخاه، ولا مانع من حمل الحديث على جميع هذه المعاني إن كان السدل مشتركا بينها، وحمل المشترك على جميع معانيه هو المذهب القوي. وقد روي أن السدل من فعل اليهود. أخرج الحلال في العلل وأبو عبيد في الغريب من رواية عبد الرحمن بن سعيد بن وهب عن أبيه عن علي أنه خرج فرأى قوما يصلون قد سدلوا ثيابهم فقال: (كلهم اليهود خرجوا من قهرهم). قال أبو عبيد: هو موضع مدارسهم الذي يجتمعون فيه. قال صاحب الإمام: والقهر بضم القاف وسكون الهاء موضع مدارسهم الذي يجتمعون فيه، وذكره في القاموس والنهاية في الفاء لا في القاف (وأن يغطي الرجل فاه) قال الخطابي: فإن من عادة العرب التلثم بالعمائم على الأفواه فنهوا عن ذلك في الصلاة إلا أن يعرض الثوباء فيغطي فمه عند ذلك للحديث الذي جاء فيه. انتهى. والحديث يدل على تحريم السدل في الصلاة لأنه معنى النهي الحقيقي: قال الخطابي: وقد رخص بعض العلماء السدل في الصلاة، روى ذلك عن عطاء ومكحول والزهري والحسن وابن سيرين. وقال مالك لا بأس به. قلت: ويشبه أن يكون إنما فرقوا بين إجازة السدل في الصلاة لأن المصلى ثابت في مكانه لا يمشي في الثوب الذي عليه، وأما غير المصلي فإنه يمشي فيه ويسدله، وقال وذلك عندي من الخيلاء المنهى عنه.
وكان سفيان الثوري يكره السدل في الصلاة. وكان الشافعي يكرهه في الصلاة وفي غير الصلاة. انتهى. قال المنذري وأخرجه الترمذي مقتصرا على الفصل الأول وقال لا نعرفه من حديث عطاء عن أبي هريرة مرفوعا إلا من حديث عسل بن سفيان. هذا آخر كلامه. وقد أخرجه أبو داود مرفوعا من حديث سليمان الأحول عن عطاء، وأشار إلى حديث عسل. وأخرج ابن ماجة الفصل الثاني من حديث الحسن بن ذكوان عن عطاء مرفوعا، وعسل بكسر العين وسكون السين المهملتين هو ابن سفيان التيمي اليربوعي البصري كنيته أبو قرة ضعيف الحديث. انتهى.