(زاد حماد في حديثه إلا الإقامة) أي لفظ الإقامة، وهي قوله: قد قامت الصلاة، فإنه لا يوترها بل يشفعها.
قال الشوكاني في النيل: وقد استشكل عدم استثناء التكبير في الإقامة فإنه يثنى كما تقدم في حديث عبد الله بن زيد، وأجيب بأنه وتر بالنسبة إلى تكبير الأذان، فإن التكبير في أول الأذان أربع، وهذا إنما يتم في تكبير أول الأذان لا في اخره كما قال الحافظ وأنت خبير بأن ترك استثنائه في هذا الحديث لا يقدح في ثبوته لأن روايات التكرير زيادة مقبولة، والحديث يدل على إفراد الإقامة. وقد اختلف الناس في ذلك، فذهب الشافعي وأحمد وجمهور العلماء إلى أن ألفاظ الإقامة إحدى عشرة كلمة كلها مفردة إلا التكبير في أولها وآخرها ولفظ قد قامت الصلاة فإنها مثنى مثنى. واستدلوا بهذا الحديث وحديث عبد الله ابن زيد السابق وحديث عبد الله بن عمر الآتي.
قال ابن سيد الناس. وقد ذهب إلى قول بأن الإقامة إحدى عشرة كلمة عمر بن الخطاب وابنه وأنس والحسن البصري والزهري والأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور ويحيى بن يحيى وداود وابن المنذر وذهبت الحنفية والثوري وابن المبارك وأهل الكوفة إلى أن ألفاظ الإقامة مثل الأذان عندهم مع زيادة قد قامت الصلاة مرتين. انتهى.
قال الحافظ في الفتح: وهذا الحديث حجة على من زعم أن الإقامة مثنى مثل الأذان، وأجاب بعض الحنفية بدعوى النسخ وأن إفراد الإقامة كان أولا ثم نسخ بحديث أبي محذورة - يعني الذي رواه أصحاب السنن - وفيه تثنية الإقامة وهو متأخر عن حديث أنس فيكون ناسخا، وعورض بأن في بعض طرق حديث أبي محذورة المحسنة التربيع والترجيع، فكان يلزمهم القول به، وقد أنكر أحمد على من ادعى النسخ بحديث أبي محذورة واحتج بأن النبي صلى الله عليه وسلم رجع بعد الفتح إلى المدينة وأقر بلالا على إفراد الإقامة وعلمه سعد القرظ فأذن به بعده كما رواه الدارقطني والحاكم. وقال ابن عبد البر: ذهب أحمد وإسحاق وداود وابن جرير إلى أن ذلك من الاختلاف المباح، فإن ربع التكبير الأولى في الأذان أو ثناه أو رجع في التشهد أو لم يرجع أو ثنى الإقامة أو أفردها كلها أو إلا قد قامت الصلاة فالجميع جائز. وعن ابن خزيمة: إن ربع الأذان ورجع فيه ثنى الإقامة وإلا أفردها، وقيل: لم يقل بهذا التفصيل أحد قبله. والله أعلم.
قيل: الحكمة في تثنية الأذان وإفراد الإقامة أن الأذان علام الغائبين فيكرر ليكون أوصل إليهم، بخلاف الإقامة فإنها للحاضرين، ومن ثم استحب أن يكون الأذان في مكان عال