ولان اسم السارقة وافق اسمها عليها السلام فناسب أن يضرب المثل بها (قوله لقطع محمد يدها) في رواية أبي الوليد والأكثر لقطعت يدها وفي الأول تجريد زاد يونس في روايته من رواية ابن المبارك عنه كما مضى في غزوة الفتح ثم أمر بتلك المرأة التي سرقت فقطعت يدها ووقع في حديث ابن عمر في رواية للنسائي قم يا بلال فخذ بيدها فاقطعها وفي أخرى له فأمر بها فقطعت وفي حديث جابر عند الحاكم فقطعها وذكر أبو داود تعليقا عن محمد بن عبد الرحمن بن غنج عن نافع عن صفية بن أبي عبيد نحو حديث المخزومية وزاد فيه قال نشهد عليها وزاد يونس أيضا في روايته قالت عائشة فحسنت توبتها بعد وتزوجت وكانت تأتيني بعد ذلك فأرفع حاجتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخرجه الإسماعيلي من طريق نعيم بن حماد عن ابن المبارك وفيه قال عروة قالت عائشة ووقع في رواية شعيب عند الإسماعيلي في الشهادات وفي رواية ابن أخي الزهري عند أبي عوانة كلاهما عن الزهري قال وأخبرني القاسم بن محمد أن عائشة قالت فنكحت تلك المرأة رجلا من بني سليم وتابت وكانت حسنة التلبس وكانت تأتيني فأرفع حاجتها الحديث وكأن هذه الزيادة كانت عند الزهري عن عروة وعن القاسم جميعا عن عائشة وعندهما زيادة على الآخر وفي آخر حديث مسعود بن الحكم عند الحاكم قال بن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي بكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان بعد ذلك يرحمها ويصلها وفي حديث عبد الله بن عمرو عند أحمد أنها قالت هل لي من توبة يا رسول الله فقال أنت اليوم من خطيئتك كيوم ولدتك أمك وفي هذا الحديث من الفوائد منع الشفاعة في الحدود وقد تقدمت في الترجمة الدلالة على تقييد بما إذا انتهى ذلك إلى أولي الامر واختلف العلماء في ذلك فقال أبو عمر بن عبد البر لا أعلم خلافا أن الشفاعة في ذوي الذنوب حسنة جميلة ما لم تبلغ السلطان وأن على السلطان أن يقيمها إذا بلغته وذكر الخطابي وغيره عن مالك أنه فرق بين من عرف بأذى الناس ومن لم يعرف فقال لا يشفع للأول مطلقا سواء بلغ الامام أم لا وأما من لم يعرف بذلك فلا بأس أن يشفع له ما لم يبلغ الامام وتمسك بحديث الباب من أوجب إقامة الحد على القاذف إذا بلغ الامام ولو عفا المقذوف وهو قول الحنفية والثوري والأوزاعي وقال مالك والشافعي وأبو يوسف يجوز العفو مطلقا ويدرأ بذلك الحد لان الامام لو وجد بعد عفو المقذوف لجاز أن يقيم البينة بصدق القاذف فكانت تلك شبهة قوية وفيه دخول النساء مع الرجال في حد السرقة وفيه قبول توبة السارق ومنقبة لأسامة وفيه ما يدل على أن فاطمة عليها السلام عند أبيها صلى الله عليه وسلم في أعظم المنازل فأن في القصة إشارة إلى أنها الغاية في ذلك عنده ذكره ابن هبيرة وقد تقدمت مناسبة اختصاصها بالذكر دون غيرها من رجال أهله ولا يؤخذ منه أنها أفضل من عائشة لان من جملة ما تقدم من المناسبة كون اسم صاحبة وافق اسمها ولا تنتفى المساواة وفيه ترك المحاباة في إقامة الحد على من وجب عليه ولو كان ولدا أو قريبا أو كبير القدر والتشديد في ذلك والانكار على من رخص فيه أو تعرض للشفاعة فيمن وجب عليه وفيه جواز ضرب المثل بالكبير القدر للمبالغة في الزجر عن الفعل ومراتب ذلك مختلفة ولا يحق ندب الاحتراز من ذلك حيث لا يترجح التصريح بحسب المقام كما تقدم نقله عن الليث والشافعي ويؤخذ منه جواز الاخبار عن أمر مقدر يفيد القطع بأمر محقق وفيه أن من حلف على أمر يتحقق أنه يفعله أو لا يفعله
(٨٥)