كان عمر فجلدهم كذلك حتى أتى برجل فذكر قصة وأنه تأول قوله تعالى ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا وأن ابن عباس ناظره في ذلك واحتج ببقية الآية وهو قوله تعالى إذا ما اتقوا والذي يرتكب ما حرمه الله ليس بمتق فقال عمر ما ترون فقال علي فذكره وزاد بعد قوله وإذا هذى افترى وعلى المفتري ثمانون جلدة فأمر به عمر فجلده ثمانين ولهذا الأثر عن علي طرق أخرى منها ما أخرجها الطبراني والطحاوي والبيهقي من طريق أسامة بن زيد عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن أن رجلا من بني كلب يقال له ابن دبرة أخبره أن أبا بكر كان يجلد في الخمر أربعين وكان عمر يجلد فيها أربعين قال فبعثني خالد بن الوليد إلى عمر فقلت أن الناس قد انهمكوا في الخمر واستخفوا العقوبة فقال عمر لمن حوله ما ترون قال ووجدت عنده عليا وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف في المسجد فقال علي فذكر مثل رواية ثور الموصولة ومنها ما أخرجه عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن عكرمة أن عمر شاور الناس في الخمر فقال له علي إن السكران إذا سكر هذى الحديث ومنها ما أخرجه بن أبي شيبة من رواية أبي عبد الرحمن السلمي عن علي قال شرب نفر من أهل الشام الخمر وتأولوا الآية المذكورة فاستشار عمر فيهم فقلت أرى أن تستتيبهم فإن تابوا ضربتهم ثمانين ثمانين وإلا ضربت أعناقهم لانهم استحلوا ما حرم الله فاستتابهم فتابوا فضربهم ثمانين ثمانين وأخرج أبو داود والنسائي من حديث عبد الرحمن بن أزهر في قصة الشارب الذي ضربه النبي صلى الله عليه وسلم بحنين وفيه فلما كان عمر كتب إليه خالد بن الوليد ان الناس قد انهمكوا في الشرب وتحاقروا العقوبة قال وعنده المهاجرون والأنصار فسألهم واجتمعوا على أن يضربه ثمانين وقال علي فذكر مثله وأخرج عبد الرزاق عن ابن جريج ومعمر عن ابن شهاب قال فرض أبو بكر في الخمر أربعين سوطا وفرض فيها عمر ثمانين قال الطحاوي جاءت الاخبار متواترة عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسن في الخمر شيئا ويؤيده فذكر الأحاديث التي ليس فيها تقييد بعدد حديث أبي هريرة وحديث عقبة بن الحارث المتقدمين وحديث عبد الرحمن بن أزهر أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى برجل قد شرب الخمر فقال للناس اضربوه فمنهم من ضربه بالنعال ومنهم من ضربه بالعصا ومنهم من ضربه بالجريد ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ترابا فرمى به في وجهه وتعقب بأنه قد ورد في بعض طرقه ما يخالف قوله وهو ما عند أبي داود والنسائي في هذا الحديث ثم أتى أبو بكر بسكران فتوخى الذي كان من ضربهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربه أربعين ثم أتى عمر بسكران فضربه أربعين فأنه يدل على أنه وان لم يكن في الخبر تنصيص على عدد معين ففيما اعتمده أبو بكر حجة على ذلك ويؤيده ما أخرجه مسلم من طريق حضير بمهملة وضاد معجمة مصغر ابن المنذر أن عثمان أمر عليا بجلد الوليد ابن عقبة في الخمر فقال لعبد الله بن جعفر أجلده فجلده فلما بلغ أربعين قال أمسك جلد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين وجلد أبو بكر أربعين وجلد عمر ثمانين وكل سنة وهذا أحب إلي فان فيه الجزم بأن النبي صلى الله عليه وسلم جلد أربعين وسائر الأخبار ليس فيها عدد إلا بعض الروايات الماضية عن أنس ففيها نحو الأربعين والجمع بينها أن عليا أطلق الأربعين فهو حجة على من ذكرها بلفظ التقريب وادعى الطحاوي أن رواية أبي ساسان هذه ضعيفة لمخالفتها الآثار المذكورة ولان راويها عبد الله بن فيروز المعروف بالداناج بنون وجيم ضعيف وتعقبه البيهقي بأنه حديث
(٦٠)