بما سمعه من السائب عنه من غير ذكر يزيد وحدث أيضا بالتام فذكر الواسطة ويزيد بن خصيفة المذكور هو ابن عبد الله بن خصيفة نسب لجده وقيل هو يزيد بن عبد الله بن يزيد بن خصيفة فيكون نسب إلى جد أبيه وخصيفة هو ابن يزيد بن ثمامة أخو السائب بن يزيد صحابي هذا الحديث فتكون رواية يزيد من خصيفة لهذا الحديث عن عم أبيه أو عم جده (قوله كنا نؤتى بالشارب) فيه إسناد القائل الفعل بصيغة الجمع التي يدخل هو فيها مجازا لكونه مستويا معهم في أمر ما وإن لم يباشر هو ذلك الفعل الخاص لان السائب كان صغيرا جدا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقد تقدم في الترجمة النبوية أنه كان ابن ست سنين فيبعد ان يكون شارك من كان يجالس النبي صلى الله عليه وسلم فيما ذكر من ضرب الشارب فكان مراده بقوله كنا أي الصحابة لكن يحتمل أن يحضر مع أبيه أو عمه فيشاركهم في ذلك فيكون الاسناد على حقيقته (قوله وإمرة أبي بكر) بكسر الهمزة وسكون الميم أي خلافته وفي رواية حاتم من زمن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وبعض زمان عمر (قوله وصدرا من خلافة عمر) أي جانبا أوليا (قوله فنقوم إليه بأيدينا ونعالنا وأرديتنا) أي فنضربه بها (قوله حتى كان آخر إمرة عمر فجلد أربعين) ظاهره أن التحديد بأربعين انما وقع في آخر خلافة عمر وليس كذلك لما في قصة خالد بن الوليد وكتابته إلى عمر فإنه يدل على أن أمر عمر بجلد ثمانين كان في وسط إمارته لان خالدا مات في وسط خلافة عمر وإنما المراد بالغاية المذكورة أولا استمرار الأربعين فليست الفاء معقبة لآخر الامرة بل لزمان أبي بكر وبيان ما وقع في زمن عمر فالتقدير فاستمر جلد أربعين والمراد بالغاية الأخرى في قوله حتى إذا عتوا تأكيدا لغاية الأولى وبيان ما صنع عمر بعد الغاية الأولى و قد أخرجه النسائي من رواية المغيرة بن عبد الرحمن عن الجعيد بلفظ حتى كان وسط امارة عمر فجلد فيها أربعين حتى إذا عتوا وهذه لا اشكال فيها (قوله حتى إذا عتوا) بمهملة ثم مثناة من العتو وهو التجبر والمراد هنا انهماكهم في الطغيان والمبالغة في الفساد في شرب الخمر لأنه ينشأ عنه الفساد (قوله وفسقوا) أي خرجوا عن الطاعة ووقع في رواية النسائي فلم ينكلوا أي يدعوا (قوله جلد ثمانين) وقع في مرسل عبيد بن عمير أحد كبار التابعين فيما أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عنه نحو حديث السائب وفيه أن عمر جعله أربعين سوطا فلما رآهم لا يتناهون جعله ستين سوطا فلما رآهم لا يتناهون جعله ثمانين سوطا وقال هذا أدنى الحدود وهذا يدل على أنه وافق عبد الرحمن بن عوف في أن الثمانين أدنى الحدود وأراد بذلك الحدود المذكورة في القرآن وهي حد الزنا وحد السرقة للقطع وحد القذف وهي أخفها عقوبة وأدناها عددا وقد مضى من حديث أنس في رواية شعبة وغيره سبب ذلك وكلام عبد الرحمن فيه حيث قال أخف الحدود ثمانون فأمر به عمر وأخرج مالك في الموطأ عن ثور بن يزيد أن عمر استشار في الخمر فقال له علي بن أبي طالب ترى أن تجعله ثمانين فإنه إذا شرب سكر وإذا سكر هذى وإذا هذى افترى فجلد عمر في الخمر ثمانين وهذا معضل وقد وصله النسائي والطحاوي من طريق يحيى بن فليح عن ثور عن عكرمة عن ابن عباس مطولا ولفظه ان الشراب كانوا يضربون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأيدي والنعال والعصا حتى توفى فكانوا في خلافة أبي بكر أكثر منهم فقال أبو بكر لو فرضنا لهم حدا فتوخى نحو ما كانوا يضربون في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فجلدهم أربعين حتى توفى ثم
(٥٩)