وهو عند إنكار المنكر مثلا والله أعلم وجوز بعضهم ان الأفظ هنا بمعنى الفظ وفيه نظر للتصريح بالترجيح المقتضي لحمل افعل على بابه وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يواجه أحدا بما يكره الا في حق من حقوق الله وكان عمر يبالغ في الزجر عن المكروهات مطلقا وطلب المندوبات فلهذا قال النسوة له ذلك (قوله أيها يا بن الخطاب) قال أهل اللغة أيها بالفتح والتنوين معناها لا تبتدئنا بحديث وبغير تنوين كف من حديث عهدناه وايه بالكسر والتنوين معناها حدثنا ما شئت وبغير التنوين زدنا مما حدثتنا ووقع في روايتنا بالنصب والتنوين وحكى ابن التين انه وقع له بغير تنوين وقال معناه كف عن لومهن وقال الطيبي الامر بتوقيع رسول الله صلى الله عليه وسلم مطلوب لذاته تحمد الزيادة منه فكان قوله صلى الله عليه وسلم ايه استزادة منه في طلب توقيره وتعظيم جانبه ولذلك عقبه بقوله والذي نفسي بيده إلى آخره فإنه يشعر بأنه رضي مقالته وحمد فعاله والله أعلم (قوله فجا) أي طريقا واسعا وقوله قط تأكيد للنفي (قوله الا سلك فجا غير فجك) فيه فضيلة عظيمة لعمر تقتضي ان الشيطان لا سبيل له عليه لا ان ذلك يقتضي وجود العصمة إذ ليس فيه الا فرار الشيطان منه ان يشاركه في طريق يسلكها ولا يمنع ذلك من وسوسته له بحسب ما تصل إليه قدرته فان قيل عدم تسليطه عليه بالوسوسة يؤخذ بطريق مفهوم الموافقة لأنه إذا منع من السلوك في طريق فأولى ان لا يلابسه بحيث يتمكن من وسوسته له فيمكن ان يكون حفظ من الشيطان ولا يلزم من ذلك ثبوت العصمة له لأنها في حق النبي واجبة وفي حق غيره ممكنة ووقع في حديث حفصة عند الطبراني في الأوسط بلفظ ان الشيطان لا يلقى عمر منذ أسلم الا خر لوجهه وهذا دال على صلابته في الدين واستمرار حاله على الجد الصرف والحق المحض وقال النووي هذا الحديث محمول على ظاهره وان الشيطان يهرب إذا رآه وقال عياض يحتمل ان يكون ذاك على سبيل ضرب المثل وان عمر فارق سبيل الشيطان وسلك طريق السداد فخالف كل ما يحبه الشيطان والأول أولى انتهى * الحديث السادس (قوله حدثنا يحيى) بن سعيد القطان وإسماعيل هو ابن أبي خالد وقيس هو ابن أبي حازم وعبد الله هو ابن مسعود ووقع في رواية ابن عيينة عن إسماعيل كما سيأتي في باب إسلام عمر التصريح بذلك (قوله ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر) أي لما كان فيه من الجلد والقوة في أمر الله وروى بن أبي شيبة والطبراني من طريق القاسم بن عبد الرحمن قال قال عبد الله بن مسعود كان إسلام عمر عزا وهجرته نصرا وامارته رحمة والله ما استطعنا ان نصلي حول البيت ظاهرين حتى أسلم عمر وقد ورد سبب إسلامه مطولا فيما أخرجه الدارقطني من طريق القاسم بن عثمان عن أنس قال خرج عمر متقلدا السيف فلقيه رجل من بني زهرة فذكر قصة دخول عمر على أخته وانكاره اسلامها واسلام زوجها سعيد بن زيد وقراءته سورة طه ورغبته في الاسلام فخرج خباب فقال أبشر يا عمر فاني أرجو أن تكون دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم لك قال اللهم أعز الاسلام بعمر أو بعمرو بن هشام وروى أبو جعفر بن أبي شيبة نحوه في تاريخه من حديث ابن عباس وفي آخره فقلت يا رسول الله ففيم الاختفاء فخرجنا في صفين انا في أحدهما وحمزة في الاخر فنظرت قريش إلينا فاصابتهم كآبة لم يصبهم مثلها وأخرجه البزار من طريق أسلم مولى عمر عن عمر مطولا وروى ابن أبي خيثمة من حديث عمر نفسه قال لقد رأيتني وما أسلم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الا تسعة وثلاثون رجلا فكملتهم أربعين فأظهر الله دينه وأعز
(٣٨)