قال بينا انا جالس إذ جاء جبريل فوكز بين كتفي فقمنا إلى شجرة فيها مثل وكري الطائر فقعدت في أحدهما وقعد جبريل في الاخر فارتفعت حتى سدت الخافقين الحديث وفيه ففتح لي باب من السماء ورأيت النور الأعظم وإذا دونه حجاب رفرف الدر والياقوت ورجاله لا بأس بهم الا ان الدارقطني ذكر له علة تقتضي إرساله وعلى كل حال فهي قصة أخرى الظاهر أنها وقعت بالمدينة ولا بعد في وقوع أمثالها وانما المستبعد وقوع التعدد في قصة المعراج التي وقع فيها سؤاله عن كل نبي وسؤال أهل كل باب هل بعث إليه وفرض الصلوات الخمس وغير ذلك فان تعدد ذلك في اليقظة لا يتجه فيتعين رد بعض الروايات المختلفة إلى بعض أو الترجيح الا انه لا بعد في جميع وقوع ذلك في المنام توطئة ثم وقوعه في اليقظة على وفقه كما قدمته ومن المستغرب قول ابن عبد السلام في تفسيره كان الاسراء في النوم واليقظة ووقع بمكة والمدينة فإن كان يريد تخصيص المدينة بالنوم ويكون كلامه على طريق اللف والنشر غير المرتب فيحتمل ويكون الاسراء الذي اتصل به المعراج وفرضت فيه الصلوات في اليقظة بمكة والاخر في المنام بالمدينة وينبغي ان يزاد فيه ان الاسراء في المنام تكرر بالمدينة النبوية وفي الصحيح حديث سمرة الطويل الماضي في الجنائز وفي غيره حديث عبد الرحمن بن سمرة الطويل وفي الصحيح حديث ابن عباس في رؤياه الأنبياء وحديث ابن عمر في ذلك وغير ذلك والله أعلم (قوله سبحان) أصلها للتنزيه وتطلق في موضع التعجب فعلى الأول المعنى تنزه الله عن أن يكون رسوله كذابا وعلى الثاني عجب الله عباده بما أنعم به على رسوله ويحتمل أن تكون بمعنى الامر أي سبحوا الذي أسرى (قوله أسرى) مأخوذ من السرى وهو سير الليل تقول أسرى وسرى إذا سار ليلا بمعنى هذا قول الأكثر وقال الحوفي أسرى سار ليلا وسرى سار نهارا وقيل أسرى سار من أول الليل وسرى سار من اخره وهذا أقرب والمراد بقوله أسرى بعبده أي جعل البراق يسري به كما يقال أمضيت كذا أي جعلته يمضي وحذف المفعول لدلالة السياق عليه ولان المراد ذكر المسري به لا ذكر الدابة والمراد بقوله بعبده محمد عليه الصلاة والسلام اتفاقا والضمير لله تعالى والإضافة للتشريف وقوله ليلا ظرف للاسراء وهو للتأكيد وفائدته رفع توهم المجاز لأنه قد يطلق على سير النهار أيضا ويقال بل هو إشارة إلى أن ذلك وقع في بعض الليل لا في جميعه والعرب تقول سرى فلان ليلا إذا سار بعضه وسرى ليلة إذا سار جميعها ولا يقال أسرى ليلا الا إذا وقع سيره في أثناء الليل وإذا وقع في أوله يقال أدلج ومن هذا قوله تعالى في قصة موسى وبني إسرائيل فأسر بعبادي ليلا أي من وسط الليل (قوله سمعت جابر بن عبد الله) كذا في رواية الزهري عن أبي سلمة وخالفه عبد الله بن الفضل عن أبي سلمة فقال عن أبي هريرة أخرجه مسلم وهو محمول على أن لأبي سلمة فيه شيخين لان في رواية عبد الله بن الفضل زيادة ليست في رواية الزهري (قوله لما كذبني) في رواية الكشميهني كذبتني بزيادة مثناة وكلاهما جائز وقد وقع بيان ذلك في طرق أخرى فروى البيهقي في الدلائل من طريق صالح بن كيسان عن الزهري عن أبي سلمة قال افتتن ناس كثير يعني عقب الاسراء فجاء ناس إلى أبي بكر فذكروا له فقال اشهد أنه صادق فقالوا وتصدقه بأنه اتى الشام في ليلة واحدة ثم رجع إلى مكة قال نعم اني أصدقه بأبعد من ذلك أصدقه بخبر السماء قال فسمي بذلك الصديق قال سمعت جابرا يقول فذكر الحديث وفي حديث ابن عباس عند أحمد والبزار بإسناد حسن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كان
(١٥٢)