حياطته والذب عنه معروفة مشهورة ومما اشتهر من شعره في ذلك قوله والله لن يصلوا إليك بجمعهم * حتى أوسد في التراب دفينا وقوله كذبتم وبيت الله نبري محمدا * ولما نقاتل حوله ونناضل وقد تقدم شئ من هذه القصيدة في كتاب الاستسقاء وحديث ابن عباس في هذا الباب يشهد لذلك ثم ذكر المصنف في الباب ثلاثة أحاديث * الأول (قوله عن يحيى) هو ابن سعيد القطان وسفيان هو الثوري وعبد الملك هو ابن عمير وعبد الله بن الحرث هو ابن نوفل بن الحرث بن عبد المطلب والعباس عم جده (قوله ما أغنيت عن عمك) يعني أبا طالب (قوله كان يحوطك) بضم الحاء المهملة من الحياطة وهي المراعاة وفيه تلميح إلى ما ذكره ابن إسحاق قال ثم إن خديجة وأبا طالب هلكا في عام واحد قبل الهجرة بثلاث سنين وكانت خديجة له وزيرة صدق على الاسلام يسكن إليها وكان أبو طالب له عضدا وناصرا على قومه فلما هلك أبو طالب نالت قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأذى ما لم تطمع به في حياة أبي طالب حتى اعترضه سفيه من سفهاء قريش فنثر على رأسه ترابا فحدثني هشام بن عروة عن أبيه قال فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيته يقول ما نالتني قريش شيئا أكرهه حتى مات أبو طالب (قوله ويغضب لك) يشير إلى ما كان يرد به عنه من قول وفعل (قوله هو في ضحضاح) بمعجمتين ومهملتين هو استعارة فان الضحضاح من الماء ما يبلغ الكعب ويقال أيضا لما قرب من الماء وهو ضد الغمرة والمعنى انه خفف عنه العذاب وقد ذكر في حديث أبي سعيد ثالث أحاديث الباب انه يجعل في ضحضاح يبلغ كعبيه يغلي منه دماغه ووقع في حديث ابن عباس عند مسلم ان أهون أهل النار عذابا أبو طالب له نعلان يغلي منهما دماغه ولأحمد من حديث أبي هريرة مثله لكن لم يسم أبا طالب وللبزار من حديث جابر قيل للنبي صلى الله عليه وسلم هل نفعت أبا طالب قال أخرجته من النار إلى ضحضاح منها وسيأتي في أواخر الرقاق من حديث النعمان ابن بشير نحوه وفي اخره كما يغلي المرجل بالقمقم والمرجل بكسر الميم وفتح الجيم الاناء الذي يغلى فيه الماء وغيره والقمقم بضم القافين وسكون الميم الأولى معروف وهو الذي يسخن فيه الماء قال ابن الأثير كذا وقع كما يغلي المرجل بالقمقم وفيه نظر ووقع في نسخة كما يغلي المرجل والقمقم وهذا أوضح ان ساعدته الرواية انتهى ويحتمل أن تكون الباء بمعنى مع وقيل القمقم هو البسر كانوا يغلونه على النار استعجالا لنضجه فان ثبت هذا زال الاشكال * (تنبيه) * في سؤال العباس عن حال أبي طالب ما يدل على ضعف ما أخرجه ابن إسحاق من حديث ابن عباس بسند فيه من لم يسم ان أبا طالب لما تقارب منه الموت بعد أن عرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول لا إله إلا الله فأبى قال فنظر العباس إليه وهو يحرك شفتيه فأصغى إليه فقال يا ابن أخي والله لقد قال أخي الكلمة التي امرته ان يقولها وهذا الحديث لو كان طريقه صحيحا لعارضه هذا الحديث الذي هو أصح منه فضلا عن انه لا يصح وروى أبو داود والنسائي وابن خزيمة وابن الجارود من حديث علي قال لما مات أبو طالب قلت يا رسول الله ان عمك الشيخ الضال قد مات قال اذهب فواره قلت إنه مات مشركا فقال اذهب فواره الحديث ووقفت على جزء جمعه بعض أهل الرفض أكثر فيه من الأحاديث الواهية الدالة على إسلام أبي طالب ولا يثبت من ذلك شئ وبالله التوفيق وقد لخصت ذلك في ترجمة أبي طالب من كتاب الإصابة * الحديث الثاني (قوله حدثنا محمود) هو ابن
(١٤٨)