بعد أن هبط من السماء فهبطوا أيضا وقال غيره رؤيته إياهم في السماء محمولة على رؤية أرواحهم الا عيسى لما ثبت انه رفع بجسده وقد قيل في إدريس أيضا ذلك واما الذين صلوا معه في بيت المقدس فيحتمل الأرواح خاصة ويحتمل الأجساد بأرواحها والأظهر ان صلاته بهم ببيت المقدس كان قبل العروج والله أعلم (قوله السماء الدنيا) في حديث أبي سعيد في ذكر الأنبياء عند البيهقي إلى باب من أبواب السماء يقال له باب الحفظة وعليه ملك يقال له إسماعيل وتحت يده اثنا عشر الف ملك (قوله فاستفتح) تقدم القول فيه في أول الصلاة وان قولهم أرسل إليه أي للعروج وليس المراد أصل البعث لان ذلك كان قد اشتهر في الملكوت الاعلى وقيل سألوا تعجبا من نعمة الله عليه بذلك أو استبشارا به وقد علموا ان بشرا لا يترقى هذا الترقي الا بإذن الله تعالى وان جبريل لا يصعد بمن لم يرسل إليه وقوله من معك يشعر بأنهم أحسوا معه برفيق والا لكان السؤال بلفظ أمعك أحد وذلك الاحساس اما بمشاهدة لكون السماء شفافة واما بأمر معنوي كزيادة أنوار أو نحوها يشعر بتجدد أمر يحسن معه السؤال بهذه الصيغة وفي قول محمد دليل على أن الاسم أولى في التعريف من الكنية وقيل الحكمة في سؤال الملائكة وقد بعث إليه ان الله أراد اطلاع نبيه على أنه معروف عند الملا الاعلى لانهم قالوا أو بعث إليه فدل على أنهم كانوا يعرفون ان ذلك سيقع له والا لكانوا يقولون ومن محمد مثلا (قوله مرحبا به) أي أصاب رحبا وسعة وكني بذلك عن الانشراح واستنبط منه ابن المنير جواز رد السلام بغير لفظ السلام وتعقب بأن قول الملك مرحبا به ليس ردا للسلام فإنه كان قبل ان يفتح الباب والسياق يرشد إليه وقد نبه على ذلك بن أبي جمرة ووقع هنا ان جبريل قال له عند كل واحد منهم سلم عليه قال فسلمت عليه فرد علي السلام وفيه إشارة إلى أنه رآهم قبل ذلك (قوله فنعم المجئ جاء) قيل المخصوص بالمدح محذوف وفيه تقديم وتأخير والتقدير جاء فنعم المجئ مجيؤه وقال ابن مالك في هذا الكلام شاهد على الاستغناء بالصلة عن الموصول أو الصفة عن الموصوف في باب نعم لأنها تحتاج إلى فاعل هو المجئ والى مخصوص بمعناها وهو مبتدأ مخبر عنه بنعم وفاعلها فهو في هذا الكلام وشبهه موصول أو موصوف بجاء والتقدير نعم المجئ الذي جاء أو نعم المجئ مجئ جاءه وكونه موصولا أجود لأنه مخبر عنه والمخبر عنه إذا كان معرفة أولى من كونه نكرة (قوله فإذا فيها آدم فقال هذا أبوك آدم) زاد في رواية أنس عن أبي ذر أول الصلاة ذكر النسم التي عن يمينه وعن شماله وتقدم القول فيه وذكرت هناك احتمالا ان يكون المراد بالنسم المرئية لآدم هي التي لم تدخل الأجساد بعد ثم ظهر لي الآن احتمال اخر وهو ان يكون المراد بها من خرجت من الأجساد حين خروجها لأنها مستقرة ولا يلزم من رؤية آدم لها وهو في السماء الدنيا ان يفتح لها أبواب السماء ولا تلجها وقد وقع في حديث أبي سعيد عند البيهقي ما يؤيده ولفظه فإذا انا بآدم تعرض عليه أرواح ذريته المؤمنين فيقول روح طيبة ونفس طيبة اجعلوها في عليين ثم تعرض عليه أرواح ذريته الفجار فيقول روح خبيثة ونفس خبيثة اجعلوها في سجين وفي حديث أبي هريرة عند البزار فإذا عن يمينه باب يخرج منه ريح طيبة وعن شماله باب يخرج منه ريح خبيثة الحديث فظهر من الحديثين عدم اللزوم المذكور وهذا أولى مما جمع به القرطبي في المفهم ان ذلك في حالة مخصوصة (قوله بالابن الصالح والنبي الصالح) قيل اقتصر الأنبياء على وصفه بهذه الصفة وتواردوا عليها لان
(١٦١)